توقيت القاهرة المحلي 00:06:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الولاية.. لمن؟

  مصر اليوم -

الولاية لمن

بقلم: د. محمود خليل

العلاقة بين مفردتى الوالى والولى فى حياة المصريين لا تقتصر على مجرد التشابه الشكلى بين حروف الاشتقاق، بل تنصرف إلى خيط معنوى خفى يربط بين المفردتين على مستوى الموضوع. دعنى أذكرك ببعض ما قد أكون قد حدثتك عنه فى هذا السياق.

حديث «الأولياء» فى حياة المصريين لا يقل خطورة عن أحاديث «الولاة»، وإذا كان الولاة فى الحياة المصرية يمثلون مصدر الشكوى فإن الأولياء يمثلون محل الشكوى. فما أكثر ما اشتكى لهم الناس، وما أكثر ما طافوا حول قبورهم وطلبوا المعونة والمدد منهم، أما الأساطير التى نسجها العقل المصرى حول الأولياء فحدِّث عنها ولا حرج. وما تجده مسطوراً فى الكتابات التى تصف أساطير الأولياء أيام حكم الوالى الكبير محمد على باشا تجد قصصاً شبيهة لها لدى الأحفاد من الأجيال المعاصرة.

حكى «ويليام لين» فى كتابه «المصريون المحدثون» واقعة مثيرة شهدتها مصر عام 1834 تدور حول جنازة شيخ اعتقد فيه الناس الولاية. حمل الرجال نعشه فى مشهد مهيب وساروا به نحو المقابر وما إن اقتربوا منها حتى شعروا أن أقدامهم مسمَّرة فى الأرض لا تقوى على المسير، أجمعوا على أن الشيخ لا يريد الدفن فى هذا المكان، احتاروا فى أمره وتساءلوا: أين يريد أن يدفن؟

طال بهم الوقت وهم على تلك الحال حتى تمخضت قريحة أحدهم عن حل اقترح فيه أن يتم تدويخ الشيخ باللف بالنعش الذى يحمله عدة مرات حتى يلف رأسه ويحتار فى المكان ولا يدرك أين هو؟!. فعلوها وبعدها أحسوا أن أقدامهم المسمرة قد نشطت من عقالها، فساروا بالنعش ودفنوا الشيخ حيث أرادوا.

قد يكون هناك قدر من المبالغة فى بعض تفاصيل القصة، لكن القليل مما حكاه «ويليام لين» يكفى للحكم على الطريقة التى كان يفكر بها الأجداد وهم يرسمون صورة «الولى»، كما أن مشاهدات عديدة فى الواقع تؤكد أن الأحفاد ما زالوا يفكرون بالطريقة نفسها حتى الآن، ولعلك سمعت عن الواقعة التى شهدتها إحدى القرى المصرية منذ عدة أشهر عند دفن شيخ اعتقد أهل القرية فيه الولاية، وقد حكوا أن أقدامهم تسمرت أمام المقابر مثلما وقع لأجدادهم عام 1834، وأبى صاحب النعش المسير بهم، فما كان منهم إلا أن دفنوه فى منزله، حيث قرروا أن تلك كانت رغبته!.

حاول محمد على محاربة الجهل والدجل المنتشر بين المصريين بالتعليم، وتمكن من بناء نخبة متعلمة، بذلت بعض الجهد فى تحرير العقل المصرى من الخرافة، لكن هذه الجهود كانت تضيع سُدى أمام كلمة تنطلق من فم دجال، أو أمام رغبة «وال» من الولاة الذين أعقبوا محمد على فى ترك الأمور على ما هى عليه.

وتشهد كتب التاريخ على أن بعض خلفاء محمد على كانوا يستعينون بالعرافين والدجالين والدراويش فى تقرير بعض الأمور، وكان منهم وممن جاء بعدهم من يؤمن بأن الجهل والدجل وسيلة تجعل المصريين أسلس قيادة. قليل من حرضوا المجموع على المعرفة، وكثيرون من غذوا شيطان الجهل داخل الناس ودعوهم إلى الاستسلام له.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الولاية لمن الولاية لمن



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 20:01 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة
  مصر اليوم - أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 09:57 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

دليل بأهم الأشياء التي يجب توافرها داخل غرفة المعيشة

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:52 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

GMT 10:12 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز 5 ضحايا لهيمنة ميسي ورونالدو على الكرة الذهبية

GMT 09:36 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الدلو

GMT 01:58 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الكهرباء

GMT 10:39 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

أبوظبي وجهة مثالية لقضاء العطلة في موسم الشتاء الدافئ

GMT 03:57 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

8 منتخبات عربية في صدارة مجموعات تصفيات كأس العالم 2026

GMT 05:40 2019 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

ديكور منزل هيفاء وهبي في بيروت يخطف الأنفاس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon