توقيت القاهرة المحلي 09:03:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الولاية.. لمن؟

  مصر اليوم -

الولاية لمن

بقلم: د. محمود خليل

العلاقة بين مفردتى الوالى والولى فى حياة المصريين لا تقتصر على مجرد التشابه الشكلى بين حروف الاشتقاق، بل تنصرف إلى خيط معنوى خفى يربط بين المفردتين على مستوى الموضوع. دعنى أذكرك ببعض ما قد أكون قد حدثتك عنه فى هذا السياق.

حديث «الأولياء» فى حياة المصريين لا يقل خطورة عن أحاديث «الولاة»، وإذا كان الولاة فى الحياة المصرية يمثلون مصدر الشكوى فإن الأولياء يمثلون محل الشكوى. فما أكثر ما اشتكى لهم الناس، وما أكثر ما طافوا حول قبورهم وطلبوا المعونة والمدد منهم، أما الأساطير التى نسجها العقل المصرى حول الأولياء فحدِّث عنها ولا حرج. وما تجده مسطوراً فى الكتابات التى تصف أساطير الأولياء أيام حكم الوالى الكبير محمد على باشا تجد قصصاً شبيهة لها لدى الأحفاد من الأجيال المعاصرة.

حكى «ويليام لين» فى كتابه «المصريون المحدثون» واقعة مثيرة شهدتها مصر عام 1834 تدور حول جنازة شيخ اعتقد فيه الناس الولاية. حمل الرجال نعشه فى مشهد مهيب وساروا به نحو المقابر وما إن اقتربوا منها حتى شعروا أن أقدامهم مسمَّرة فى الأرض لا تقوى على المسير، أجمعوا على أن الشيخ لا يريد الدفن فى هذا المكان، احتاروا فى أمره وتساءلوا: أين يريد أن يدفن؟

طال بهم الوقت وهم على تلك الحال حتى تمخضت قريحة أحدهم عن حل اقترح فيه أن يتم تدويخ الشيخ باللف بالنعش الذى يحمله عدة مرات حتى يلف رأسه ويحتار فى المكان ولا يدرك أين هو؟!. فعلوها وبعدها أحسوا أن أقدامهم المسمرة قد نشطت من عقالها، فساروا بالنعش ودفنوا الشيخ حيث أرادوا.

قد يكون هناك قدر من المبالغة فى بعض تفاصيل القصة، لكن القليل مما حكاه «ويليام لين» يكفى للحكم على الطريقة التى كان يفكر بها الأجداد وهم يرسمون صورة «الولى»، كما أن مشاهدات عديدة فى الواقع تؤكد أن الأحفاد ما زالوا يفكرون بالطريقة نفسها حتى الآن، ولعلك سمعت عن الواقعة التى شهدتها إحدى القرى المصرية منذ عدة أشهر عند دفن شيخ اعتقد أهل القرية فيه الولاية، وقد حكوا أن أقدامهم تسمرت أمام المقابر مثلما وقع لأجدادهم عام 1834، وأبى صاحب النعش المسير بهم، فما كان منهم إلا أن دفنوه فى منزله، حيث قرروا أن تلك كانت رغبته!.

حاول محمد على محاربة الجهل والدجل المنتشر بين المصريين بالتعليم، وتمكن من بناء نخبة متعلمة، بذلت بعض الجهد فى تحرير العقل المصرى من الخرافة، لكن هذه الجهود كانت تضيع سُدى أمام كلمة تنطلق من فم دجال، أو أمام رغبة «وال» من الولاة الذين أعقبوا محمد على فى ترك الأمور على ما هى عليه.

وتشهد كتب التاريخ على أن بعض خلفاء محمد على كانوا يستعينون بالعرافين والدجالين والدراويش فى تقرير بعض الأمور، وكان منهم وممن جاء بعدهم من يؤمن بأن الجهل والدجل وسيلة تجعل المصريين أسلس قيادة. قليل من حرضوا المجموع على المعرفة، وكثيرون من غذوا شيطان الجهل داخل الناس ودعوهم إلى الاستسلام له.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الولاية لمن الولاية لمن



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon