توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«التوازن» ضرورة

  مصر اليوم -

«التوازن» ضرورة

بقلم :د. محمود خليل

صانع القرار فى أى موقع أو مجال بحاجة إلى تقدير قيمة «التوازن» وهو يعد قراراته.

التوازن يعنى ببساطة مراعاة المصالح المتعارضة ووجهات النظر المتعددة وردود الأفعال المتباينة للأطراف المختلفة التى يمكن أن تتأثر بهذا القرار، وإذا أخذ صانع القرار ذلك فى الاعتبار مر قراره بدرجة معقولة من الهدوء والقبول، بصورة تؤدى إلى إحداث التغيير المرجو فى الواقع، أما القرار القائم على التشدد والانحياز وركوب الرأس فمهما كان حجم القوة التى تقف وراءه فإنه يصعب فرضه أو إملاؤه على الواقع.

جاء فى قول منسوب إلى الإمام على بن أبى طالب، كرم الله وجهه: «لا تكن ليناً فتعصر ولا قاسياً فتكسر».

اختيار طريق القسوة فى صناعة القرار وتوظيف أدواتها عند ظهور ردود فعل رافضة له لا يقل سفاهة عن اتخاذ طريق اللين والرخاوة سبيلاً فى إصدار القرار فى محاولة لإرضاء أطراف دون غيرها. فى الحالتين يكون الفشل هو المصير.

كثيراً ما يضرب المثل بالحجاج بن يوسف الثقفى فى الشدة والعنف فى إملاء قراراته على من حوله، فهو الرجل الذى اشتهر بالبطش بخصومه أو المخالفين له، لكنه فى المقابل كان قادراً على إقامة الحجة عليهم وهو يقسو، حتى لو كان سبيله إلى ذلك التلاعب بعواطف الجماهير وقلب الحقائق.

تجد ذلك حاضراً فى الخطبة العجيبة التى ألقاها «الحجاج» بعد قتله عبدالله بن الزبير فى جوف الكعبة، حين بدأ الناس يعبرون عن غضبهم من هذه الفعلة، فقد خرج عليهم قائلاً: «أيها الناس إن عبدالله بن الزبير كان من خيار هذه الأمة حتى رغب فى الخلافة ونازعها أهلها، وألحد فى الحرم، وإن آدم كان أكرم على الله من ابن الزبير، وكان فى الجنة وهى أشرف من مكة، فلما خالف أمر الله وأكل من الشجرة التى نهى عنها أخرجه الله من الجنة، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله».

ليس هناك خلاف على أن الخطبة تقدم محاولة حثيثة للتلاعب بالعقول، وتحمل توظيفاً لبلاغة القول لتبرير فعل بالغ القسوة، لكن السؤال: كم من الناس يمتلك هذه القدرة؟

وظف الحجاج مسألة التوازن بطريقته الخاصة فاتخذ قراراً غير متوازن بقتل عبدالله بن الزبير فى جوف الكعبة، لكنه حاول وزنه من خلال المراوغة بالقول، أو شرحه وتبيينه للناس، ولم يحاول تبليعه لهم بالقوة.

الوضع مختلف بالنسبة لمن يتخذ قراراً أو يقدم على خطوة غير متوازنة ثم يتراجع عنها، فى مثل هذه الأحوال يخسر الشخص كل شىء، خصوصاً إذا عجز عن تبريرها أو إقناع الناس بها، بسبب فقر أدواته وعدم امتلاكه الوسائل اللازمة لذلك.

صاحب القرار يصبح فى مثل هذه الأحوال مثل المنبَتّ، لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى، فهو لا يقدر على السير إلى الأمام إنفاذاً لقراره، كما يخسر إذا عاد إلى الخلف، لأنه لم يترك ظهراً أو ظهيراً يحميه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«التوازن» ضرورة «التوازن» ضرورة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon