توقيت القاهرة المحلي 14:42:23 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ما بعد الحقيقة

  مصر اليوم -

ما بعد الحقيقة

بقلم: د. محمود خليل

فى الولايات المتحدة الأمريكية ما زال للقراءة مكانها ومكانتها لدى المواطن الأمريكى، والأمر نفسه ينطبق على العديد من المجتمعات الأوروبية الأخرى.

الراديو ما زال له دور مهم أيضاً فى حياة المواطن الغربى، فى الولايات المتحدة على سبيل المثال، ما زالت الإذاعة أداة أساسية من الأدوات التى يخاطب منها الرئيس الأمريكى مواطنيه.

لست أقصد من ذلك الانتصار للقديم وتحجيم أهمية الأدوات التكنولوجية المعاصرة، فهى أدوات لها قيمتها وأدوارها فى حياة إنسان هذا العصر، لكننى أريد أن ألفت النظر إلى تأثيرات كل من الأدوات التقليدية والمعاصرة على حياة الإنسان.

الكتاب يمنح القارئ معرفة أساسها التماسك، ويوفر لقارئه سياحة فى كافة جزئيات الموضوع الذى يعالجه بشكل يؤدى إلى وعى كامل بجميع جوانبه وأطرافه، والبرامج الإذاعية أقدر من غيرها على إثارة تفكير المتلقى فى المحتوى المقدم عبرها، وتتيح الفرصة -حال احترافيتها- لعرض وجهات النظر المختلفة عن الموضوع بشكل مكثف ومركز، وما زال للثقافة بألوانها المختلفة مكان إلى جوار الترفيه داخل المحتوى الإذاعى.

العقل الذى يعتمد على هذا النوع من المصادر المعرفية والثقافية يميل بدرجة أكبر إلى التماسك والارتكاز، مقارنة بالعقل الذى يستغنى عنها ويعتمد بشكل كامل على الأدوات التكنولوجية المعاصرة فى تحصيل المعرفة وبناء الوعى بالقضايا والأحداث التى تتفاعل فى الواقع، إذ يغلب عليه التشوش والانحياز.

تأمل حالة العقل الذى يعتمد على التدوينات والتغريدات ولقطات الفيديو كمصدر للحصول على المعلومات، إنه يحصل على معرفة جزئية سريعة، تعتمد على الرأى أكثر من المعلومة، وعلى مغازلة العاطفة أكثر من استفزاز العقل ودفعه إلى التفكير.

المحتوى الذى يتم الحصول عليه من مواقع التواصل الاجتماعى، علاوة على أنه جزئى، فإنه يتسم بقدر كبير من «التحيز» فهو فى الأغلب يعكس وجهة نظر واحدة، والفرصة ليست متاحة لعرض وجهات نظر أخرى، قد تقول لى إن مساحة التفاعل مع المحتوى فى هذه الحالة تتيح الفرصة لظهور وجهات نظر أخرى، لكن ذلك لا يحدث فى الواقع، لأن لعبة بناء المحتوى وكذلك التفاعل معه عبر هذه المواقع يعتمد على «روح الفريق المنحاز»، فلا يظهر فيه إلا من يؤيد، وحال ظهور أصوات معترضة على المحتوى، فمن الممكن بسهولة «تبليكها»، أى إخراسها، وفى الحالتين يعتمد كل من المؤيد أو المعارض على الصراخ والطنطنة، وقليلاً ما يجنح الخطاب إلى العقل والعقلنة.

وإلى جوار الجزئية والتحيز تظهر آفة «الكذب» التى تشيع على ساحات التواصل، ولك أن تتصور شكل العقل والفعل لدى إنسان يبنى تصوراته لحدث أو قضية على معلومات كاذبة.

لقد وصف بعض المنظرين العصر الذى نعيشه منذ العام 2016 بعصر «ما بعد الحقيقة»، والسر فى ذلك يتعلق بسطوع نجم «المصنوع» واختفاء «الأصلى». فكل شىء من حولنا بات مصنوعاً: الجمال بات مصنوعاً وليس طبيعياً، والأجسام مصنوعة ومحقونة وتم تفريغها من أصل داخلها، والمعلومة المزيفة لها جمهور أكبر وأعرض من المعلومة الصادقة الحقيقية.

إنه العصر الذى تختفى فيه الحقيقة لحساب الأوهام.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما بعد الحقيقة ما بعد الحقيقة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 09:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
  مصر اليوم - ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ حماس

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 09:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
  مصر اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:57 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يصبح أول رئيس أميركي يبلغ 82 عاماً وهو في السلطة

GMT 02:39 2019 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

رانيا محمود ياسين توضح قطع علاقتها بالبرامج التليفزيونية

GMT 09:28 2021 الأربعاء ,11 آب / أغسطس

المصري يعلن انتقال أحمد جمعة إلى إنبي

GMT 02:20 2019 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

إيمي سمير غانم تكشف عن خلاف حاد مع زوجها تحول إلى نوبة ضحك

GMT 12:25 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

طريقة عمل أصابع الجبنة بالثوم

GMT 11:17 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

محمد صلاح يتخذ أولى خطوات الرحيل عن ليفربول

GMT 02:40 2020 الثلاثاء ,23 حزيران / يونيو

تفاصيل إصابة ابن ماما سناء بفيروس "كورونا"

GMT 01:56 2020 الإثنين ,22 حزيران / يونيو

طريقة عمل البوريك التركي بأقل التكاليف

GMT 21:12 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

إليسا تروج لحفلها اليوم في بث مباشر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon