توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ما بعد الحقيقة

  مصر اليوم -

ما بعد الحقيقة

بقلم: د. محمود خليل

فى الولايات المتحدة الأمريكية ما زال للقراءة مكانها ومكانتها لدى المواطن الأمريكى، والأمر نفسه ينطبق على العديد من المجتمعات الأوروبية الأخرى.

الراديو ما زال له دور مهم أيضاً فى حياة المواطن الغربى، فى الولايات المتحدة على سبيل المثال، ما زالت الإذاعة أداة أساسية من الأدوات التى يخاطب منها الرئيس الأمريكى مواطنيه.

لست أقصد من ذلك الانتصار للقديم وتحجيم أهمية الأدوات التكنولوجية المعاصرة، فهى أدوات لها قيمتها وأدوارها فى حياة إنسان هذا العصر، لكننى أريد أن ألفت النظر إلى تأثيرات كل من الأدوات التقليدية والمعاصرة على حياة الإنسان.

الكتاب يمنح القارئ معرفة أساسها التماسك، ويوفر لقارئه سياحة فى كافة جزئيات الموضوع الذى يعالجه بشكل يؤدى إلى وعى كامل بجميع جوانبه وأطرافه، والبرامج الإذاعية أقدر من غيرها على إثارة تفكير المتلقى فى المحتوى المقدم عبرها، وتتيح الفرصة -حال احترافيتها- لعرض وجهات النظر المختلفة عن الموضوع بشكل مكثف ومركز، وما زال للثقافة بألوانها المختلفة مكان إلى جوار الترفيه داخل المحتوى الإذاعى.

العقل الذى يعتمد على هذا النوع من المصادر المعرفية والثقافية يميل بدرجة أكبر إلى التماسك والارتكاز، مقارنة بالعقل الذى يستغنى عنها ويعتمد بشكل كامل على الأدوات التكنولوجية المعاصرة فى تحصيل المعرفة وبناء الوعى بالقضايا والأحداث التى تتفاعل فى الواقع، إذ يغلب عليه التشوش والانحياز.

تأمل حالة العقل الذى يعتمد على التدوينات والتغريدات ولقطات الفيديو كمصدر للحصول على المعلومات، إنه يحصل على معرفة جزئية سريعة، تعتمد على الرأى أكثر من المعلومة، وعلى مغازلة العاطفة أكثر من استفزاز العقل ودفعه إلى التفكير.

المحتوى الذى يتم الحصول عليه من مواقع التواصل الاجتماعى، علاوة على أنه جزئى، فإنه يتسم بقدر كبير من «التحيز» فهو فى الأغلب يعكس وجهة نظر واحدة، والفرصة ليست متاحة لعرض وجهات نظر أخرى، قد تقول لى إن مساحة التفاعل مع المحتوى فى هذه الحالة تتيح الفرصة لظهور وجهات نظر أخرى، لكن ذلك لا يحدث فى الواقع، لأن لعبة بناء المحتوى وكذلك التفاعل معه عبر هذه المواقع يعتمد على «روح الفريق المنحاز»، فلا يظهر فيه إلا من يؤيد، وحال ظهور أصوات معترضة على المحتوى، فمن الممكن بسهولة «تبليكها»، أى إخراسها، وفى الحالتين يعتمد كل من المؤيد أو المعارض على الصراخ والطنطنة، وقليلاً ما يجنح الخطاب إلى العقل والعقلنة.

وإلى جوار الجزئية والتحيز تظهر آفة «الكذب» التى تشيع على ساحات التواصل، ولك أن تتصور شكل العقل والفعل لدى إنسان يبنى تصوراته لحدث أو قضية على معلومات كاذبة.

لقد وصف بعض المنظرين العصر الذى نعيشه منذ العام 2016 بعصر «ما بعد الحقيقة»، والسر فى ذلك يتعلق بسطوع نجم «المصنوع» واختفاء «الأصلى». فكل شىء من حولنا بات مصنوعاً: الجمال بات مصنوعاً وليس طبيعياً، والأجسام مصنوعة ومحقونة وتم تفريغها من أصل داخلها، والمعلومة المزيفة لها جمهور أكبر وأعرض من المعلومة الصادقة الحقيقية.

إنه العصر الذى تختفى فيه الحقيقة لحساب الأوهام.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما بعد الحقيقة ما بعد الحقيقة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:45 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فجر السعيد تفتح النار على نهى نبيل بعد لقائها مع نوال

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 20:43 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يتحدث عن وراثة أبنائه جين الشعر الأحمر

GMT 20:11 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تكريم توم كروز بأعلى وسام مدني من البحرية الأميركية

GMT 09:56 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 12:18 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

الروح والحب والإخلاص " ربنا يسعدكم "

GMT 23:59 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا

GMT 18:11 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

3 تحديات تنتظر الزمالك قبل غلق الميركاتو الصيفي

GMT 07:33 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

"سيسيه يؤكد رفضت عروضا من أجل البقاء مع "الاتحاد

GMT 05:59 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

محمد النني يقترب من الدوري السعودي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon