توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الجدية في محاربة التعصب

  مصر اليوم -

الجدية في محاربة التعصب

بقلم :د. محمود خليل

الدين حاضر فى القرن الحادى والعشرين، كما كان حاضراً فى ما سبقه من قرون، لكن الإنصاف يدعونا إلى القول إن نوع حضوره اختلف فى القرن الجديد. فخلال العقدين الأول والثانى منه (أى من 2000 - 2020) كان التديّن بمفهومه الجماعاتى هو الأكثر حضوراً، فالخصومات الدولية والمحلية كانت مع جماعات أو تنظيمات تتّخذ من الدين ستاراً أو شعاراً أو فكراً أو محركاً لها، اختر من بين المفردات ما شئت، خاضت الدول والحكومات حرباً ضدها تصفها فى الأغلب بـ«الحرب على الإرهاب». فالحرب كانت على القاعدة أو طالبان أو داعش أو الإخوان أو غيرها من الجماعات التى تسمع عنها.

الحرب ضد الإرهاب نجحت فى تقزيم وتحجيم الكثير من الجماعات والتنظيمات المتاجرة بالدين، مثل تنظيم القاعدة وتنظيم داعش (نسبياً) على سبيل المثال، واستطاعت ترويض بعضها الآخر ودفعها إلى الإعلان عن رضوخها لقواعد اللعب، طبقاً للقواعد الدولية المتعارَف عليها فى الحكم والعلاقات بين الدول، مثل تنظيم طالبان، لكن يبدو أن الصراع ما بين الدول والحكومات من ناحية والجماعات المرتكنة إلى الدين كشف عن أمر أخطر بالنسبة لأصحاب نظرية «الحرب على الإرهاب» يتمثل فى انتشار الفكر المتشدّد بين قطاعات لا بأس بها من الشعوب، مما يُيسر وجود حضانة للتنظيمات والجماعات المتطرفة ورافداً لا ينضب لمدها بعناصر جديدة.

مع هذا الاكتشاف بدأ التفكير فى التعامل مع الفكر الدينى السائد لدى الشعوب (التدين الشعبى) برؤى وخطط وأهداف مختلفة. الجهود فى هذا السياق بدأت منذ مرحلة مبكرة من العقد الثانى من القرن الحادى والعشرين (أى بدءاً من 2011)، لكنها زادت وتمدّدت مع مطلع العقد الثالث، أى بدءاً من 2021.

العنوان الكبير الذى يجمع هذه الجهود هو «تفكيك الفكر الدينى المتشدّد»، وهو هدف لا يختلف اثنان على أهميته. فالتشدّد يتنافى مع روح الأديان وما تدعو إليه من احترام لمعتقدات الآخرين، وتسامح مع الجميع، ودعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتى هى أحسن.

والمتأمل لهذه الجهود يشعر للوهلة الأولى أنه أمام محاولات لتبريد الجسم البشرى الساخن والملتهب بالتعصب الدينى الذى يشعل الحروب والصراعات ما بين الدول، بل وبين المواطنين داخل الدولة الواحدة، والوقوف بصلابة ضد الإرهاب باسم الدين، لكن التأمل المتأنى لآثار ونتائج هذه الجهود يلاحظ أنها تؤدى إلى العكس، فتصب المزيد من الزيت على نار التعصب، خصوصاً عندما تتجاوز ما هو بشرى فى الدين إلى ما هو مقدس، فبدلاً من أن تصحح المفاهيم والفهوم المغلوطة الشائعة بين الشعوب، تبادر إلى الغمز واللمز فى ثوابت دينية مقدّسة.

هذه الجهود أصبحت تثير الحيرة حين يتساءل المرء عن أهدافها، وهل تسعى فعلاً إلى محاربة التعصب الأعمى حتى ينجو العالم من محنة الصراعات التى يحركها الدين فى القرن الحادى والعشرين (قرن الأديان بامتياز)، أم أن هدفها دعم هذه الصراعات وتأجيجها؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجدية في محاربة التعصب الجدية في محاربة التعصب



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon