توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الخواجة «ينّى»

  مصر اليوم -

الخواجة «ينّى»

بقلم :د. محمود خليل

مهما حاول المرء الهروب من مشكلاته لن يفلت من لحظة مواجهة يجد نفسه فيها مضطراً للتعامل الجاد معها.

فى الأفلام الأبيض وأسود كان البطل يلجأ إلى أقرب «بار» ويتناول كأسين عندما يقرر الهروب من المشكلات التى يعيشها، ثم يدخل فى حالة توهان كاريكاتيرية، ويهلوس بكلمات غير مفهومة (أى كلام)، ويضحك على لا شىء، للتأكيد على أنه نسى.

فى فيلم المليونير للراحل الجميل «إسماعيل ياسين» تضغط مشكلات الحياة على البطل، فيجد شبيهاً له يهديه اسمه ومكانه ومكانته فى الحياة ومحفظته المحشوة بالبنكنوت، يقرر بعدها القيام بمشوار إلى «بار الخواجة ينّى» حتى يعيش حالة التوهان التى يشتهيها، ويدخل فى عالم فانتازى لطيف يخرج فيه من الواقع الموجع ليغرق فى عالم من الخيالات، يؤدى فيه الأشخاص بصورة عجيبة، إلى حد أن يصبح «كأس البراندى» -وليس الفلوس- موضوعاً للتسول: «حسنة يا فندى واحد براندى»!

هذه الطريقة فى التعامل مع المشكلات ما زالت قائمة حتى الآن، ولكن بصورة عكسية فبدلاً من اللجوء إلى «الخواجة ينّى» وشرب كأسين يدخلان المحبط أو المجهد أو الموجوع عالم الخيالات ويساعدانه على الهروب من الواقع والهذيان بـ«أى كلام»، بات يلجأ مباشرة إلى الـ«أى كلام» ويشرب منه حتى الثمالة.

لو أنك راجعت المشهد المعيش وحاولت أن تفتش عن كؤوس الـ«أى كلام» التى يتبادل الناس أنخابها ستجدها أكثر من أن تحصى. فجأة تجدهم غارقين فى «أى كلام» عن جرائم وحوادث شاذة يشهدها المجتمع، أو حديث «أى كلام» عن «موضة من غير هدوم» التى تظهر فى هذا المحفل أو ذاك، أو عن «الست اللى بتضرب جوزها»، أو «الجوز اللى اتجوز على مراته»، أو «الزوج المطالب بتوفير خادمة لزوجته»، أو السؤال الوجودى حول «الغناء والجعير»، أو السؤال المصيرى حول «ضربات الجزاء فى ماتشات الكورة».

كؤوس الـ«أى كلام» أصبحت الأكثر تداولاً فى حياتنا خلال الفترة الأخيرة، ومواقع التواصل الاجتماعى باتت تشبه بار «الخواجة ينى»، فعلى منصاتها ينخرط البعض فى شفط الكأس تلو الأخرى من كؤوس الـ«أى كلام» حتى يغيب وعيهم تماماً عما يؤرقهم أو يوجعهم أو يقل راحتهم فى الحياة.

البعض يحب العيش فى حالة «توهان»، والبعض الآخر يحب الدفع بالناس للسقوط فى هذه الحالة، وأياً كان الأمر فإن الإنسان مهما تاه لا بد له من لحظة إفاقة.

فى الأفلام القديمة اعتمد كتاب السيناريوهات والمخرجون على معالجات محددة لهذه اللحظة، حين يأتى أحد أبطال العمل فيصفع السكران قلمين على وجهه، أو يدهمه بخبر مفزع يخرجه من حالة التوهان ويرده إلى الواقع، أو أن ينفجر السكران -لوحده- فى البكاء واللطم فيفيق من غيبوبته وهكذا.

الواقع المعيش هو الآخر له أدواته، فهو يمنح الفرد الكثير من كؤوس الـ«أى كلام» ليتجرعها كأساً تلو كأس حتى يفر من مشكلاته الحقيقية التى يأبى مواجهتها، لكن سرعان ما يدهم نفسه بصفعة أو نغزة أو خبطة تخرجه من عالم اللا شىء الذى يقبع فيه ليفعل أى شىء قبل أن يقضى عليه اللا شىء.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخواجة «ينّى» الخواجة «ينّى»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon