توقيت القاهرة المحلي 23:14:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الخواجة «ينّى»

  مصر اليوم -

الخواجة «ينّى»

بقلم :د. محمود خليل

مهما حاول المرء الهروب من مشكلاته لن يفلت من لحظة مواجهة يجد نفسه فيها مضطراً للتعامل الجاد معها.

فى الأفلام الأبيض وأسود كان البطل يلجأ إلى أقرب «بار» ويتناول كأسين عندما يقرر الهروب من المشكلات التى يعيشها، ثم يدخل فى حالة توهان كاريكاتيرية، ويهلوس بكلمات غير مفهومة (أى كلام)، ويضحك على لا شىء، للتأكيد على أنه نسى.

فى فيلم المليونير للراحل الجميل «إسماعيل ياسين» تضغط مشكلات الحياة على البطل، فيجد شبيهاً له يهديه اسمه ومكانه ومكانته فى الحياة ومحفظته المحشوة بالبنكنوت، يقرر بعدها القيام بمشوار إلى «بار الخواجة ينّى» حتى يعيش حالة التوهان التى يشتهيها، ويدخل فى عالم فانتازى لطيف يخرج فيه من الواقع الموجع ليغرق فى عالم من الخيالات، يؤدى فيه الأشخاص بصورة عجيبة، إلى حد أن يصبح «كأس البراندى» -وليس الفلوس- موضوعاً للتسول: «حسنة يا فندى واحد براندى»!

هذه الطريقة فى التعامل مع المشكلات ما زالت قائمة حتى الآن، ولكن بصورة عكسية فبدلاً من اللجوء إلى «الخواجة ينّى» وشرب كأسين يدخلان المحبط أو المجهد أو الموجوع عالم الخيالات ويساعدانه على الهروب من الواقع والهذيان بـ«أى كلام»، بات يلجأ مباشرة إلى الـ«أى كلام» ويشرب منه حتى الثمالة.

لو أنك راجعت المشهد المعيش وحاولت أن تفتش عن كؤوس الـ«أى كلام» التى يتبادل الناس أنخابها ستجدها أكثر من أن تحصى. فجأة تجدهم غارقين فى «أى كلام» عن جرائم وحوادث شاذة يشهدها المجتمع، أو حديث «أى كلام» عن «موضة من غير هدوم» التى تظهر فى هذا المحفل أو ذاك، أو عن «الست اللى بتضرب جوزها»، أو «الجوز اللى اتجوز على مراته»، أو «الزوج المطالب بتوفير خادمة لزوجته»، أو السؤال الوجودى حول «الغناء والجعير»، أو السؤال المصيرى حول «ضربات الجزاء فى ماتشات الكورة».

كؤوس الـ«أى كلام» أصبحت الأكثر تداولاً فى حياتنا خلال الفترة الأخيرة، ومواقع التواصل الاجتماعى باتت تشبه بار «الخواجة ينى»، فعلى منصاتها ينخرط البعض فى شفط الكأس تلو الأخرى من كؤوس الـ«أى كلام» حتى يغيب وعيهم تماماً عما يؤرقهم أو يوجعهم أو يقل راحتهم فى الحياة.

البعض يحب العيش فى حالة «توهان»، والبعض الآخر يحب الدفع بالناس للسقوط فى هذه الحالة، وأياً كان الأمر فإن الإنسان مهما تاه لا بد له من لحظة إفاقة.

فى الأفلام القديمة اعتمد كتاب السيناريوهات والمخرجون على معالجات محددة لهذه اللحظة، حين يأتى أحد أبطال العمل فيصفع السكران قلمين على وجهه، أو يدهمه بخبر مفزع يخرجه من حالة التوهان ويرده إلى الواقع، أو أن ينفجر السكران -لوحده- فى البكاء واللطم فيفيق من غيبوبته وهكذا.

الواقع المعيش هو الآخر له أدواته، فهو يمنح الفرد الكثير من كؤوس الـ«أى كلام» ليتجرعها كأساً تلو كأس حتى يفر من مشكلاته الحقيقية التى يأبى مواجهتها، لكن سرعان ما يدهم نفسه بصفعة أو نغزة أو خبطة تخرجه من عالم اللا شىء الذى يقبع فيه ليفعل أى شىء قبل أن يقضى عليه اللا شىء.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخواجة «ينّى» الخواجة «ينّى»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 20:01 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة
  مصر اليوم - أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 09:57 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

دليل بأهم الأشياء التي يجب توافرها داخل غرفة المعيشة

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:52 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

GMT 10:12 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز 5 ضحايا لهيمنة ميسي ورونالدو على الكرة الذهبية

GMT 09:36 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الدلو

GMT 01:58 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الكهرباء

GMT 10:39 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

أبوظبي وجهة مثالية لقضاء العطلة في موسم الشتاء الدافئ

GMT 03:57 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

8 منتخبات عربية في صدارة مجموعات تصفيات كأس العالم 2026

GMT 05:40 2019 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

ديكور منزل هيفاء وهبي في بيروت يخطف الأنفاس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon