توقيت القاهرة المحلي 04:56:23 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الرقص.. والتجربة

  مصر اليوم -

الرقص والتجربة

بقلم: د. محمود خليل

مشكلة بعض المهوِّمين بما يطلق عليه «قضية التنوير» أنهم يفسرون حالة الارتباك الفكرى والسلوكى العام التى نعيشها بردِّها إلى بعض الأفكار والممارسات الدينية الشائعة بين المصريين.

الحقيقة غير ذلك، فعندما يتوقف بعض التنويريين -أو من يوصفون بذلك- أمام ظاهرة بث القرآن الكريم من ميكروفونات المساجد قبل وبعد الأذان، ويرون فيها سلوكاً مزعجاً لا يتسق مع جلال القرآن الذى دعا رب العزة الناس إلى الاستماع والإنصات له، فإنهم يركزون بذلك على نقد الحلقة الأضعف، وينسون أمرين: الأول أن الإزعاج سلوك عام يرتبط بالثقافة السائدة فى المكون الثقافى المصرى، وليست ميكروفونات المساجد -كما يذهبون- مصدره بالأساس، بل له مصادر أخرى عديدة. على سبيل المثال بعض المنزعجين من ميكروفونات المساجد أحياناً ما يقتنون كلاباً فى بيوتهم تنبح ليل نهار بشكل يثير إزعاج من حولهم، وما لا تفعله كلاب البيوت تقوم به الكلاب الضالة التى تنتشر فى بعض الأماكن وتزعج البشر بصوتها. هناك أيضاً ظاهرة إطلاق الصواريخ والشماريخ فى الأفراح، يستوى فى ذلك أفراح البسطاء مع أفراح المقتدرين، بما تحمله هذه الظاهرة من إزعاج.

أمثلة أخرى عديدة يمكن أن نضربها كمصادر للإزعاج بعيداً عن ميكروفونات المساجد. وكل ما أفهمه فى هذا السياق أن الله تعالى أمرنا بالإنصات إلى القرآن، ومسألة الاستماع إلى كلام الله مسألة فردية حتى يتحقق فيها شرط الإنصات. هذه النقطة أتفق معها، لأن القرآن له احترامه.

تعال بعد ذلك إلى الحديث عن فرض الحجاب على بنات الإعدادى. أظن أن وزارة التربية والتعليم تشرف على كل مدارس مصر، ولا يوجد فى حدود علمى مدرسة تفرض ارتداء الحجاب على التلميذات، هناك من يرتدينه بإرادتهن، وأظن أن ضجر بعض التنويريين من ذلك لا يستقيم مع إيمانهم بالحرية كقيمة تنويرية.

أما الحديث عن أن الطفل يقرأ ويحفظ القرآن الكريم دون أن يفهم معناه، فيؤشر إلى أن قائله لم يفتح أى كتاب تربية دينية، لأنه لو فعل فسيجد أن كل الآيات المقررة على الطلاب مشروحة وموضح معانيها. ولو أخذنا الأمور بهذا الشكل فعلينا أيضاً أن نراجع العديد من القصائد المنتمية إلى العصر الجاهلى أو مرحلة الشعر الكلاسيكى بل وبعض الكتابات المعاصرة ونشطب عليها.

وإذا تركت التربية الدينية إلى حصص الرياضة (الألعاب) والموسيقى فستجد أنها قائمة فى مدارسنا حتى اللحظة. ربما لا تحظى هذه الحصص بما تستحقه من اهتمام من جانب القائمين على المدارس، لكن ذلك يرتبط بظاهرة تعليمية عامة، فالحصص فى كل التخصصات لا تحظى بالاهتمام المطلوب، فى ظل اعتماد الكثير من المعلمين والتلاميذ على الدروس الخصوصية كوسيلة للتعلم، وبالتالى إذا أردنا أن نوجد اهتماماً عاماً بالرياضة والموسيقى فعلينا أن نجعلها مواد نجاح ورسوب، حتى تدخل ضمن منظومة الدروس الخصوصية.

ما أستغربه هو الحديث عن «حصص الرقص»، فلا يوجد فى مدارسنا حصص مخصصة لذلك. ولست أفهم أى نوع من الرقص هذا الذى يمكن أن نقرره فى المدارس؟

النهضة التى نرجوها لبلادنا لن تتحقق بإزاحة أو تحقيق ما ينادى بعض التنويريين بإزاحته أو تحقيقه. المسألة أعقد من ذلك بكثير، وقد كررت أكثر من مرة أن التنوير مسألة تتعلق بالأساس بالمساهمة فى الإنتاج العلمى والتكنولوجى المعاصر، وتبنِّى قيم التفكير العلمى، ونشر الثقافة العقلانية، وقيم الحريات.

لن نصل إلى حالة التنوير بالرقص والرقاصين.. يشهد على ذلك تجربتنا!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرقص والتجربة الرقص والتجربة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon