توقيت القاهرة المحلي 11:01:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التنوير.. والقشرة.. والروح

  مصر اليوم -

التنوير والقشرة والروح

بقلم: د. محمود خليل

التنوير مصطلح يحمل معانى عديدة من بينها: «العصرنة»، بما تعنيه من وعى بمعطيات الزمان والمكان والأداء فى ضوئها، و«اتساع الأفق» لقبول الغير والاستماع إلى الأفكار ووجهات النظر المغايرة، و«العقلنة»، بما تعنيه من احتكام للعقل ولنظريات العلم عند النظر فى قضايا الواقع أو أحداث التاريخ، بما يؤدى إلى فهم أرقى للواقع والتاريخ.

حركة التنوير فى أوروبا اعتنت بتحرير العقل من أى سلطة كهنوتية، وأكدت على مجموعة من القيم الأساسية التى استندت إليها النهضة الأوروبية، مثل الحرية والعدالة والتسامح والمساواة، وأتاحت الفرصة لتفجير طاقات الفرد بحيث يصبح عضواً مفيداً للمجموع. وكانت النتيجة نهضة علمية وفلسفية ضخمة، وثورة صناعية ساهم فيها كل عناصر المجتمع الأوروبى، وتحولات تكنولوجية أثرت فى حياة البشر العائشين فوق ظهر الكوكب.

لم يكن هم أو مبلغ علم رواد النهضة الأوروبية مثلاً تحرير الجسد من الملابس، بل اعتبروا الزى مسألة حرية لا يصح أن يتدخل فيها أحد.. وكل إنسان حر فيما يفعله، بشرط ألا يفرض طقوسه على الآخرين.

تحرير المرأة فى حركة التنوير الغربى كان جزءاً من تحرير الإنسان والدفاع عن حقوقه على وجه العموم، ولم يكن انحيازاً أو محاولة لتمكين أو تركيب «الست على الراجل»، بل تأكيد على المساواة بين الجنسين مع احترام فكرة التنوع.

إنكار الكهنوت فى الفكر التنويرى لم يعن بحال تشويه المؤسسة الدينية، بل مثل توجهاً عاماً يرفض كل أشكال الكهنوت الدينى أو السياسى أو الثقافى، بما فى ذلك كهنوت التنويريين.

من حق كل إنسان أن يروج لما يريد من أفكار، بشرط أن يتسع صدره لأفكار ووجهات نظر الغير، فذلك هو التنوير بمعناه الحقيقى، بعبارة أخرى ليس من المنطقى أن يسفه من يطلقون على أنفسهم وصف التنويريين وجهة النظر المغايرة التى تدافع عن فكرة «الاحتشام»، أو تحترم قيم الأسرة المصرية، أو تثمّن التقاليد والأصول الاجتماعية العامة.

داخل أشد المجتمعات الغربية إيماناً بالليبرالية وحرية الفكر هناك مفهوم يسمى «المسئولية الاجتماعية» يرتكز على حقيقة أنه إذا كان من حق الفرد أن يعبر عن رأيه وفكره وقيمه بحرية كاملة، فعليه أن يتحرى وهو يفعل ذلك حماية قيم وتقاليد المجتمع، والمجتمعات تختلف فى منظوماتها القيمية، ومن حق كل مجتمع أن يحمى هويته، ويدافع عن خصوصيته، وليس فى ذلك أى شكل من أشكال نفى الآخر أو استبعاده.

الموضوع الأهم فى قضية التنوير هو «العقل». جهود التنوير الحقيقية تركز على نشر قيم العقلانية، ودعم الفكر الحر، والأخطر والأهم دعم البحث العلمى، والاهتمام بالتطوير التكنولوجى، انطلاقاً من أن أدوات التكنولوجيا الجديدة هى وحدها القادرة على تطوير فكر ورؤية المجتمع، وإتاحة المساحة أمام كل العقول لكى تنتقد بحرية نتاج التكنولوجيا إذا أضر بقيم وتقاليد المجتمع.

زمان كتب نزار قبانى يصف وضع العرب بعد 1967 يقول: «خلاصة القضية توجز فى عبارة.. لقد لبسنا قشرة الحضارة والروح جاهلية»

ليس من صالح هذا المجتمع أن تركز جهود التنوير على القشرة وتهمل الروح.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التنوير والقشرة والروح التنوير والقشرة والروح



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon