توقيت القاهرة المحلي 22:01:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

البوصلة الأفريقية

  مصر اليوم -

البوصلة الأفريقية

بقلم: د. محمود خليل

بنبرة غاضبة صرح لاعب الكرة الكاميرونى الشهير «روجيه ميلا»: «إذا لم يكن المصريون أو المغاربة أفارقة فليلعبوا لأوروبا أو آسيا أو لأى شىء آخر»، وذلك فى سياق رده على بعض المقترحات الخاصة بتأجيل كأس الأمم الأفريقية فى دورتها الحالية بسبب تفشى فيروس كورونا، ورفض الكثير من الأندية الأوروبية السماح للاعبيها الأفارقة بالانضمام إلى منتخباتهم فى منتصف الموسم.

ليس «ميلا» الأفريقى الوحيد الذى يتبنى مثل هذه النظرة لدول الشمال الأفريقى، ومن بينها مصر، ويعتبرها دولاً ترنو بنظرها إلى خارج القارة الأفريقية.

نظرياً، بلدنا مصر من الدول التى تجد لنفسها العديد من الامتدادات، فهناك الامتداد العربى، والامتداد الأفريقى، والامتداد اليورمتوسطى، وتاريخياً هناك الامتداد الفرعونى، ومعنوياً هناك الامتداد الإسلامى وهكذا.

قبل يوليو 1952 وبعدها كانت هذه الامتدادات حاضرة وبقوة، فالدولة الملكية امتدت بحدودها إلى أعماق أفريقيا، حين كانت مصر والسودان دولة واحدة، كما كنا من آخر الدول التى خرجت من تحت راية الخلافة العثمانية عام 1924، وعندما احتل الصهاينة أرض فلسطين تزعمت مصر الجيوش العربية التى زحفت لتحرير فلسطين، وقبل 1952 ظهرت دعوة عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين الخاصة بانتماء المصريين إلى ثقافة البحر الأبيض المتوسط وأوروبا، وذلك فى كتابه «مستقبل الثقافة فى مصر»، وبعد القطيعة مع الدول العربية عقب توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979 خرج توفيق الحكيم وبشّر بالانتماء الفرعونى للمصريين، وأن مصر أمة وحدها تكافئ الأمة العربية، وكانت هذه الدعوة على النقيض من الاتجاه القومى العروبى الذى تبناه الرئيس جمال عبدالناصر، أما دعوات استعادة الخلافة فقد شكلت مرتكزاً من مرتكزات الإسلام الجماعاتى.

الشخصية المصرية بطبيعتها تمتاز بتنوع العناصر التى شاركت فى تكوينها، وهى تظهر كشخصية ثرية حين تحاول الاستفادة من كافة عناصر تكوينها، وتفارق روح الثراء فى الحالات التى تنكفئ فيها على جذر واحد من جذورها لتتحلق حوله، وتهمل جذوراً أخرى مهمة ترتبط بها مصالحها الحالية أو المستقبلية.

نحن نعيش عصراً تراجعت فيه الأيديولوجيات النظرية أمام حسابات المصالح، وقد عاشت مصر زمناً طويلاً حريصة كل الحرص على مصالحها فى أفريقيا، وهى مصالح مرتبطة فى الأصل والجوهر بالنيل، مصر الملكية حرصت على وضع قدم ثابتة ومرتكزة للدولة داخل أفريقيا، وفى عصر مصر الجمهورية والثورات التحررية تمكن الرئيس جمال عبدالناصر من بناء علاقات شديدة المتانة مع الدول الأفريقية حمت مصالح مصر داخل القارة، وحرص السادات من بعد على بناء علاقات مصالحية قوية مع السودان وعلاقات ردع محسوسة مع الدول التى تهدد أمننا المائى.

اختلف الأمر خلال العقدين الأخيرين من القرن الماضى وما تلاهما، حيث فقدت مصر البوصلة التى تمكنها من التحرك الفاعل والمؤثر فى أفريقيا، وظنى أنها ما زالت تفقد هذه البوصلة حتى الآن، والدليل على ذلك تصريحات روجيه ميلا، والمشكلة أننا نفقدها فى ظرف شديد التعقيد نحن أحوج ما نكون فيه إلى الدعم الأفريقى فى ملف سد النهضة.

ضياع البوصلة كان أساسه فى تقديرى الإهمال من ناحية، والحسابات السياسية غير الدقيقة من ناحية أخرى، والتحديد غير الدقيق لتحيزاتنا مع أو ضد الأطراف التى تتصارع سياسياً داخل بعض الدول الأفريقية من ناحية ثالثة.

هذه العوامل الثلاثة أفقدتنا البوصلة التى يمكن أن نتحرك بها حتى مع أقرب الدول الأفريقية إلينا على مستوى التاريخ والجغرافيا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البوصلة الأفريقية البوصلة الأفريقية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 18:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
  مصر اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 17:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين
  مصر اليوم - الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 05:09 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تعرف على أبرز وأهم اعترافات نجوم زمن الفن الجميل

GMT 15:04 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

طريقة إعداد فطيرة الدجاج بعجينة البف باستري

GMT 00:45 2024 الأربعاء ,07 آب / أغسطس

سعد لمجرد يوجه رسالة لـ عمرو أديب

GMT 11:04 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

منة فضالي جمهورها بمناسبة عيد الأضحى

GMT 20:31 2021 الثلاثاء ,01 حزيران / يونيو

وادي دجلة يكشف خطة الفريق للبقاء في الدوري الممتاز

GMT 09:26 2021 الأربعاء ,12 أيار / مايو

"الفيفا" يعلن مواعيد مباريات تصفيات كأس العرب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon