بقلم :د. محمود خليل
أسعار البترول نار.. والعالم عاجز عن السيطرة عليها والوصول إلى معادلة سعرية أكثر توازناً.. دول العالم تطالب «أوبك» بتوفير مزيد من كميات النفط فى الأسواق تؤدى إلى توازن السعر، و«أوبك» تدرس.
أمام العجز عن السيطرة على سعر البترول بادرت الولايات المتحدة الأمريكية إلى السحب من احتياطيها الاستراتيجى من البترول، ودعا «بايدن» العديد من الدول الأخرى -وعلى رأسها الصين واليابان- إلى انتهاج النهج نفسه وسحب ولو جزء من الاحتياطى الاستراتيجى لديها، حتى تكبح جماح السعر المستمر فى الصعود.
سياسات السحب من الاحتياطى أدت إلى خفض نسبى فى سعر برميل البترول، لكنها لم تحل المشكلة حتى اللحظة، لأن هناك دولاً تملك احتياطياً استراتيجياً جيداً لكنها لا تريد السحب منه.
سياسة اللجوء إلى الاحتياطى مؤقتة إلى حد كبير فى تأثيرها، فالاحتياطى ينفد، ونحن مقبلون على ذروة فصل الشتاء خلال الأسابيع القادمة، ومن المتوقع أن يشتد الطلب على الوقود بصورة كبيرة، وقد توقعت بعض التقارير أن يتجاوز سعر برميل البترول سقف الـ100 دولار منتصف العام القادم.
صدى الأزمة وصل إلى المواطن الأمريكى، حيث ارتفع سعر جالون البنزين (حوالى 3.78 لتر) فى بعض الولايات إلى 4 دولارات. واتهم «بايدن» شركات البنزين بالافتراء على الزبون، وتسعير البنزين بصورة مبالغ فيها، استغلالاً لارتفاع أسعار الوقود، ما يعبر عن سلوك معادٍ للمستهلك.
كل شعوب العالم مرشحة لمواجهة أشكال ودرجات مختلفة من المعاناة خلال الأيام القادمة، فمع ارتفاع معدلات التضخم، وأزمات الوقود، ستواجه الدول المستوردة للبنزين وغيره من المشتقات البترولية مشكلات ضخمة، خصوصاً مع مقدم الشتاء.
حكومات العالم باتت مطالبة باستخدام سياسات حمائية للمستهلك، فمع التضخم وارتفاع أسعار الوقود بدأ يشد فتيل الانفجار المتوقع فى الأسعار، وترك المستهلك فى مثل هذه الأحوال فريسة لمعادلة «تحديد السعر على الكيف» سيؤدى إلى أزمة محققة، ولو لم تتدخل الحكومات بإجراءات ضبط فستواجه أزمات متعددة ومتنوعة، لها تأثيراتها عليها، لأن المواطن يوجه غضبه إلى المسئول.
أيضاً لا بد أن تتمدد مظلة الحماية الاجتماعية لتشمل المزيد من المواطنين الأشد احتياجاً، وتوفر لهم الحكومات إمكانية الحياة والتعايش فى ظل حالة الالتهاب المستطير فى الأسعار.
ولا بأس أيضاً من أن تؤجل الحكومات بعض الإجراءات التى تصفها بإجراءات الإصلاح الاقتصادى حتى تستقر الأسواق، خصوصاً أننا أمام أزمة قد تطول لعدة أشهر.
معدلات التضخم تلتهم الأجور الراكدة التى لا تنمو بالنسبة نفسها، وعدم إيجاد معادلة توازن بين التضخم والأجور سوف يزيد من معاناة الطبقتين المتوسطة والفقيرة خلال الأشهر القادمة، وهو أمر يحتاج نظرة أيضاً من حكومات العالم المختلفة تتعلق بتحريك الأجور والمرتبات. فإذا كان المواطن فى الولايات المتحدة الأمريكية بات يشكو من الغلاء وتأثير التضخم على حياته، ولجأت الحكومة هناك إلى اتخاذ إجراءات للتعامل مع الموقف.. فما بالنا بالوضع فى دول العالم الأخرى؟