توقيت القاهرة المحلي 11:01:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

يوم الحساب آتٍ

  مصر اليوم -

يوم الحساب آتٍ

بقلم: د. محمود خليل

تذكُّر الحساب أمر طيب، لكن الإفراط فى حسن الظن بالنفس مسألة محل نظر.

نسيان الحساب أساس الكبر: «وَقَالَ مُوسَى إِنِّى عُذْتُ بِرَبِّى وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّر لَّا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ». وقد حكى لنا القرآن الكريم فى سورة الكهف قصة الرجلين اللذين وصل الكبر بأحدهما حد نكران قيام الساعة: «وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً»، وكان السر فى ذلك هو الاغترار بمصادر القوة (المال والولد)، ثم مد المتكبر الخط على استقامته وافترض أنه حتى إذا كان هناك ساعة وحساب يقف فيه المخلوق أمام الخالق فسوف يجد فى الآخرة خيراً يزيد ويفيض عن حديقته التى امتلكها فى الدنيا: «وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّى لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنقَلَباً».

الإنسان يظلم نفسه عندما يبلغ به الكبْر هذا المبلغ، فينسيه خالقه، وينسيه الموقف العظيم أمام الله، لذا يجمل به ألا ينسى أن يوم الحساب آتٍ لا ريب فى ذلك.

فى المقابل، نجد أن الحديث القدسى يقول: «أنا عند حسن ظن عبدى بى»، فالإنسان مطالب بأن يحسن الظن بخالقه، ويعيش المعنى الجليل الذى تشتمل عليه الآية الكريمة التى تقول: «وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنَا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ». فكل مؤمن يعيش بالأمل فى رحمة ربه، لكن ليس معنى ذلك أن يتكل الإنسان عليها، وأن يتفهم أن هناك فارقاً كبيراً بين حسن الظن بالله تعالى وحسن الظن بالذات.

أبوبكر الصديق، رضى الله عنه، كان من أوائل المؤمنين بالإسلام، وضحى فى سبيل الله بكل ما يملك، وهو الصديق الصدِّيق لمحمد، صلى الله عليه وسلم، هذا الصحابى الجليل كان يردد: «لو أن إحدى قدمىّ فى الجنة والأخرى خارجها ما أمنت مكر الله»، ويدلل هذا التفكير على استيعابه معنى الآية الكريمة التى تقول: «أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ».

الإنسان يطمئن إلى رحمة الله فيحسن الظن به، لكن من يطمئن إلى ذاته لا يأمن زلات القدر، لذلك عليه ألا يفرط فى حسن الظن بنفسه، ولا يزكيها: «فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى». وخير للإنسان أن يترك أفعاله تتحدث عن نفسها، وأن يتفهم أن الخالق العظيم يحيط بكل شىء علماً.

الله تعالى رب قلوب -كما يردد البسطاء من أهلنا- وليس رب ألسنة، وهو أعلم بمنسوب إيمان كل إنسان «وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُم بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ»، بل ويعلم عن مخلوقاته ما لا يعلمونه أو يفهمونه فى أنفسهم: «أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ».

المهم أن يعمل الإنسان ويتقى ربه فيما يعمل أو يقول، ويستوعب أن حسابه فى النهاية على الله، وأن الحساب جوهره الرحمة التى كتبها الله تعالى على نفسه.

العاقل من لا يستصغر ذنباً، لأنه قد يكون عند الله عظيماً: «وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ»، ولا يستكبر ذنباً أمام نهر الرحمة الربانية التى وسعت كل شىء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يوم الحساب آتٍ يوم الحساب آتٍ



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon