توقيت القاهرة المحلي 14:39:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

يوم الحساب آتٍ

  مصر اليوم -

يوم الحساب آتٍ

بقلم: د. محمود خليل

تذكُّر الحساب أمر طيب، لكن الإفراط فى حسن الظن بالنفس مسألة محل نظر.

نسيان الحساب أساس الكبر: «وَقَالَ مُوسَى إِنِّى عُذْتُ بِرَبِّى وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّر لَّا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ». وقد حكى لنا القرآن الكريم فى سورة الكهف قصة الرجلين اللذين وصل الكبر بأحدهما حد نكران قيام الساعة: «وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً»، وكان السر فى ذلك هو الاغترار بمصادر القوة (المال والولد)، ثم مد المتكبر الخط على استقامته وافترض أنه حتى إذا كان هناك ساعة وحساب يقف فيه المخلوق أمام الخالق فسوف يجد فى الآخرة خيراً يزيد ويفيض عن حديقته التى امتلكها فى الدنيا: «وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّى لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنقَلَباً».

الإنسان يظلم نفسه عندما يبلغ به الكبْر هذا المبلغ، فينسيه خالقه، وينسيه الموقف العظيم أمام الله، لذا يجمل به ألا ينسى أن يوم الحساب آتٍ لا ريب فى ذلك.

فى المقابل، نجد أن الحديث القدسى يقول: «أنا عند حسن ظن عبدى بى»، فالإنسان مطالب بأن يحسن الظن بخالقه، ويعيش المعنى الجليل الذى تشتمل عليه الآية الكريمة التى تقول: «وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنَا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ». فكل مؤمن يعيش بالأمل فى رحمة ربه، لكن ليس معنى ذلك أن يتكل الإنسان عليها، وأن يتفهم أن هناك فارقاً كبيراً بين حسن الظن بالله تعالى وحسن الظن بالذات.

أبوبكر الصديق، رضى الله عنه، كان من أوائل المؤمنين بالإسلام، وضحى فى سبيل الله بكل ما يملك، وهو الصديق الصدِّيق لمحمد، صلى الله عليه وسلم، هذا الصحابى الجليل كان يردد: «لو أن إحدى قدمىّ فى الجنة والأخرى خارجها ما أمنت مكر الله»، ويدلل هذا التفكير على استيعابه معنى الآية الكريمة التى تقول: «أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ».

الإنسان يطمئن إلى رحمة الله فيحسن الظن به، لكن من يطمئن إلى ذاته لا يأمن زلات القدر، لذلك عليه ألا يفرط فى حسن الظن بنفسه، ولا يزكيها: «فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى». وخير للإنسان أن يترك أفعاله تتحدث عن نفسها، وأن يتفهم أن الخالق العظيم يحيط بكل شىء علماً.

الله تعالى رب قلوب -كما يردد البسطاء من أهلنا- وليس رب ألسنة، وهو أعلم بمنسوب إيمان كل إنسان «وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُم بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ»، بل ويعلم عن مخلوقاته ما لا يعلمونه أو يفهمونه فى أنفسهم: «أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ».

المهم أن يعمل الإنسان ويتقى ربه فيما يعمل أو يقول، ويستوعب أن حسابه فى النهاية على الله، وأن الحساب جوهره الرحمة التى كتبها الله تعالى على نفسه.

العاقل من لا يستصغر ذنباً، لأنه قد يكون عند الله عظيماً: «وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ»، ولا يستكبر ذنباً أمام نهر الرحمة الربانية التى وسعت كل شىء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يوم الحساب آتٍ يوم الحساب آتٍ



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon