توقيت القاهرة المحلي 14:21:11 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تناسخ أم استنساخ؟

  مصر اليوم -

تناسخ أم استنساخ

بقلم: د. محمود خليل

لماذا يعيد البشر تكرار أنفسهم؟.. بعبارة أخرى لماذا تحتشد كتب التاريخ وكذا الواقع، بشخصيات تتشابه فى أفعالها أو أسلوب أدائها، رغم اختلاف الأزمنة والأماكن التى ظهرت على مسرحها.. هل المسألة تناسخ أم استنساخ؟

أحد الوزراء المشاهير فى عصر الخديو إسماعيل، وهو الوزير «إسماعيل صديق» تمكن من جمع ثروة طائلة عن طريق استغلال نفوذه، يتحدّث المؤرخ «إلياس الأيوبى» أنه حازها بطرق فظيعة وغير مشروعة، وبات ما لديه من مال يزيد عما يمتلكه أى أمير من أمراء الأسرة العلوية، مما جعله مثار حسدهم، فحرّضوا الخديو إسماعيل عليه، لكن الرجل لم يستمع إليهم إلا بعد أن خربت «مالطة»، فانتقم منه بإغراقه فى النيل.

تكرّرت صورة الوزير إسماعيل صديق فى أزمنة وسياقات كثيرة مختلفة، وتجلّت من جديد فى نماذج اعتمدت على استغلال النفوذ أو التربّح من موقع عملها. وأظن أنك لن تجهد نفسك كثيراً فى استدعاء نماذج تثبت لك واقع الاستنساخ على هذا المستوى.

ليست كل حالات الاستنساخ سيئة، إذ يحدث أن تجد نماذج مضيئة يتم استلهامها فى أزمنة أخرى لاحقة، وعلى مسارح ظرفية أو مكانية مختلفة. على سبيل المثال الكاتب الصحفى أحمد حلمى الذى تألق نجمه فى عصر الخديو عباس حلمى، وكان صحفياً بجريدة «اللواء»، التى أصدرها مصطفى باشا كامل، لتعبر عن أفكار الحزب الوطنى، ومن خلالها وغيرها من الصحف وجّه «حلمى» نقداً لاذعاً للأسرة العلوية، وعلق على ما تنفقه من أموال تجمعها من دم ودموع الشعب، وعُوقب على ذلك بالسجن.

تستطيع أن تضع يدك على الكثير من الكتاب الصحفيين الذين استوعبوا دورهم فى العمل لحساب شعوبهم وأوطانهم، وقدّموا نماذج شبيهة تكاد تكون مستنسخة من تجربة «أحمد حلمى»، وهو بالمناسبة جد الصحفى والشاعر المبدع «صلاح جاهين»، وأطلق اسمه على واحد من أشهر ميادين مصر «ميدان أحمد حلمى».

المطرب الشعبى شعبان عبدالرحيم -رحمة الله عليه- استنسخ ذات يوم تجربة الصحفى أحمد حلمى واستدعاها بشكل عجيب فى واحدة من الأغانى التى قدّم بها نفسه للمصريين، أغنية «أحمد حلمى اتجوز عايدة.. كتب الكتاب الشيخ رمضان».. وأحمد حلمى وعايدة والشيخ رمضان -كما تعلم- أسماء لميادين.. وعندما اصطادت الأغنية زبونها، بادر «شعبان» إلى استدعاء أحمد حلمى ثانية من خلال أغنية تقول: «أحمد حلمى وعايدة اخوات.. واللى قالوه الناس إشاعات»!.

بعدها استنسخ أحدهم لعبة الأغانى للميادين، فغنى «عادى فى المعادى».. ومن بعده انطلق أصحاب المهرجانات إلى الغناء للميادين «من السبتية الشرابية».

إنها لعبة الاستنساخ وتكرار النماذج والتجارب البشرية بصورة تثير العجب.. وكما يحدث الاستنساخ فى الجيد يحدث فى الردىء.. وكما يتم على مستوى النماذج المشرقة، فإنه يقع أيضاً على مستوى النماذج الفاسدة.

علمنا نبى الله داوود «الجامعة» -عليه السلام- هذه الحقيقة التى أدركها بحكمته العميقة، حين قال: إن وجد شىء يُقال عنه: «انظر هذا جديد»، فهو منذ زمان كان فى الدهور التى كانت قبلنا.. فليس تحت الشمس جديد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تناسخ أم استنساخ تناسخ أم استنساخ



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon