بقلم: د. محمود خليل
بالتزامن مع حصول مصر على المركز الرابع فى منافسات كأس العرب 2021، نشر موقع «بوابة الأهرام» تحقيقاً صحفياً متميزاً عن أوضاع خدمة الإنترنت فى مصر.
على ما يبدو ما بين الموضوعين من مسافة، حيث يقع أولهما فى فئة الترفيه والثانى فى فئة الخدمات، إلا أنهما يلتقيان عند نقطة تراجع الأداء. فحال المنتخب كان محل نقد لاذع من المتابعين، وأداء شبكة الإنترنت كان موضع تفنيد فى التحقيق «الأهرامى».
قطاعا الترفيه والخدمات فى مصر يعانيان من تراجع الأداء بصورة محسوسة.
السر فى قطاع الترفيه معلوم بالضرورة ويرتبط بأننا نعيش على التاريخ، وليس على معطيات الحاضر. فنحن رواد لكرة القدم على المستويين العربى والأفريقى، ولنا تاريخ جيّد فيها، لكنّ أمورنا -على مستوى الحاضر- بعافية، والسر فى ذلك أن الأساس فى عالم الترفيه -بما فى ذلك عالم كرة القدم- يستند إلى معادلة «الدفع بالعناصر الأسوأ».
الدفع بالعناصر الأسوأ بات يحكم كل أدوات القوة الناعمة التى نعمت بها مصر زمناً طويلاً، فليس من المعقول أن نقول إن شعباً يتجاوز تعداده المائة مليون نسمة ليس فيه آخرون من طراز محمود الخطيب فى الماضى ومحمد صلاح فى الحاضر، وليس فيه مطربون بحجم عبدالحليم حافظ، وأدباء بحجم نجيب محفوظ، وقراء بحجم الشيخ رفعت وعبدالباسط.
مؤكد أن هناك مواهب لا حصر لها موجودة فى جميع المجالات، لكنها تتعرّض للكسر والإحباط، ويتم خسف الأرض بها، لأن المطلوب هو الدفع بالعناصر الأسوأ، لذا فسوف يظل حال المنتخب الوطنى على ما هو عليه، ذهب «البدرى» وجاء «كيروش» ولم يتغير شىء، لأن عقيدة التراجع ثابتة لم تتغير.
على جناح الخدمات، تجد المشكلة نفسها قائمة، فهناك تراجع واضح فى الأداء تجده متضخماً بصورة لا تهملها عين فى أوضاع خدمة الإنترنت التى غلا ثمنها وتراجعت معدلات سرعتها وانتظامها.
ثمة قاعدة تقول إن رفع سعر الخدمة لا بد أن يعقبه تحسين مستوى جودتها، لكن هذا الأمر لا ينطبق على خدمة الإنترنت، بل ويمكن أن تقول على خدمة الاتصالات عموماً، فالمسألة لم تعد متعلقة بالشبكة العنكبوتية فقط، بل تتمدّد أيضاً إلى شركات المحمول.
سعر الخدمة يرتفع ومستواها يقل، والزبون مضطر لمواصلة التعامل، نظراً لعدم وجود البديل. المفترض أن زيادة دخل الشركات لا بد أن تنعكس على استثماراتها فى البنية الأساسية التى تعتمد عليها الخدمة، لكن ذلك لا يحدث فى الأغلب، لأن الشركات تكتفى بالربح، وتؤدى مثل صاحب سيارة «التاكسى»، الذى يهمل فى الصيانة والتطوير، طمعاً منه فى المزيد من المشاوير والمكاسب، وتكون النتيجة تعطل مصدر رزقه وتوقفه.
للأسف الشديد الأداء فى قطاعى الترفيه والخدمات فى مصر ركيك، رغم ما يحظى به هذان القطاعان من جماهيرية، ورغم أنهما يمثلان مجالين مهمين من مجالات الاستثمار، وتمكنت دول كثيرة من تحقيق مدخولات جيدة عبرهما، لكنهما فى بر المحروسة يعانيان بشدة نتيجة الدفع بالأسوأ أو الإدارة بالسوء.