توقيت القاهرة المحلي 14:42:23 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التضحية بورقة

  مصر اليوم -

التضحية بورقة

بقلم: د. محمود خليل

كلمة «صك» من الكلمات التى تحمل تسميعاً غير إيجابى لدى البعض، خصوصاً حين يرتبط الصك بمسألة دينية، فالكلمة تستدعى مباشرة عبارة «صكوك الغفران» كفكرة تنتمى إلى القرون الوسطى.

لعل أشهر عبارة يتم تداولها فى الإعلانات الميدياوية والسوشيوميدياوية خلال هذه الأيام الطيبة التى نحياها من شهر ذى الحجة هى عبارة «صكوك الأضحية». والصك كما تعلم عبارة عن ورقة يحصل عليها المضحى مقابل دفع مبلغ معين. لا توجد فروق كبيرة بين أسعار كيلو اللحمة لدى الجهات الموزّعة للصكوك، وهو يصل فى الأغلب إلى 150 جنيهاً، ويغطى الصك 27 كيلوجراماً، يحصل المضحى على ثلثها (9 كيلوجرامات)، أما الباقى فيُوزع بالتعاون بين جهة إصدار الصكوك والجمعيات الخيرية التى تفتش عن الأسر الفقيرة والأولى بالرعاية فى جميع المحافظات.

مع ميلاد الفكرة منذ عدة سنوات، بادرت بعض الجهات الدينية، مثل الإفتاء، إلى الحديث عن شرعيتها، وأشارت إلى أن الصك نوع من أنواع الوكالة، وهى جائزة فى النيابة عن الذابح فى الأضحية.

لا خلاف على أن الفكرة تنطوى على وجه إيجابى، يتمثل فى الوصول بلحوم الأضاحى إلى من يحتاج إليها فى الأماكن المختلفة، بالإضافة إلى تنظيم عملية الذبح، لكن ثمة وجه أو عدة وجوه أخرى غير إيجابية تستحق التوقف أمامها.

أول هذه الوجوه يتمثل فى تعليم المواطن السلبية فى التعامل مع شعيرة دينية. فالمضحى يدفع مبلغاً من المال ثم يتّكل على الله، ومؤكد أنه لا يفتّش وراء الجهة التى تعتمد على القسمة المتعارَف عليها فى توزيع لحوم الأضاحى: الثلث للمضحى، والثلث للعائلة (هدايا)، والثلث للمحتاجين من المصريين دون تمييز.

اللجوء إلى الصك يطمس وجه التواصل العائلى فى فكرة الأضحية، وإنعاش الروابط العائلية فى مثل هذه المناسبات يعد جانباً من الجوانب المهمة أرانا أحوج ما نكون إليه فى الفترة الحالية. فكرة أن تذهب إلى قريب يربطك به رباط عائلى واحد لتهاديه بهدية فضيلة باتت غائبة فى ظل الحياة الافتراضية المصنوعة التى يعيش فى ظلها الجميع، ويخيل إلىّ أن تنشيط فكرة الهدايا العائلية من الأضاحى يمثل أداة من الأدوات التى يمكن أن تعيدنا إلى الحياة الطبيعية الإنسانية.

وجه آخر يتوجّب التوقف أمامه فى فكرة الصكوك يتعلق بعدم بذل المضحى أى جهد فى البحث عمن يستحقون أن توضع لحوم الأضاحى بين أيديهم، وهى ثغرة فى الأداء المصرى المتعلق بهذه الشعيرة، تجد صداه فى سعى بعض أفراد الطبقة الوسطى -تحديداً- إلى إلقاء لحم الأضحية فى أقرب يد (حارس العمارة فى الأغلب)، لأنه لا يريد على سبيل المثال أن يُتعب نفسه ويعود إلى مسقط رأسه فى الحى الفقير الذى نشأ فيه ليبحث عن المحتاجين الحقيقيين ويعطيهم، كما يعطى حارس عمارته أيضاً. وليس هناك خلاف على أن عدد المضحين فى العيد أكبر بكثير من عدد مندوبى الجهات الخيرية التى توزع لحوم الصكوك.

التضحية فى العيد الأكبر شعيرة واجبة على من يقدر، وأساسها ذبح الأضاحى فى الأماكن المخصّصة لذلك بشكل متحضر لا يضر، وهى تعبر عن جوهر من جواهر التقوى «لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التضحية بورقة التضحية بورقة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 09:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
  مصر اليوم - ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ حماس

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 09:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
  مصر اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 05:09 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تعرف على أبرز وأهم اعترافات نجوم زمن الفن الجميل

GMT 15:04 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

طريقة إعداد فطيرة الدجاج بعجينة البف باستري

GMT 00:45 2024 الأربعاء ,07 آب / أغسطس

سعد لمجرد يوجه رسالة لـ عمرو أديب

GMT 11:04 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

منة فضالي جمهورها بمناسبة عيد الأضحى

GMT 20:31 2021 الثلاثاء ,01 حزيران / يونيو

وادي دجلة يكشف خطة الفريق للبقاء في الدوري الممتاز

GMT 09:26 2021 الأربعاء ,12 أيار / مايو

"الفيفا" يعلن مواعيد مباريات تصفيات كأس العرب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon