توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«ربيب النبي».. أين اختفى؟

  مصر اليوم -

«ربيب النبي» أين اختفى

بقلم :د. محمود خليل

لم يشتهر من الأبناء الذين أنجبتهم السيدة خديجة بنت خويلد رضى الله عنها قبل زواجها من محمد صلى الله عليه وسلم سوى ولدها «هند بن أبى هالة».

تزوجت خديجة قبل النبى من عتيق بن عابد، وأنجبت منه بنتاً اسمها هند، ثم تزوجت من أبى هالة وأنجبت منه ولدين هما: هند وهالة. أدرك «هند بن أبى هالة» النبى صلى الله عليه وسلم وآمن بدعوته منذ فترة مبكرة من البعثة. فقد تعهده النبى بالرعاية واعتبره ابناً له، وكان هند يكنى بـ«ربيب رسول الله».

والربيب هو الشخص الذى يفقد أباه فيتعهده زوج أمه بالرعاية، وذلك ما حدث مع هند الذى ظل حياته كلها يردد: «أنا أكرم الناس أباً وأماً وأخاً وأختاً، أبى رسول الله صلى الله عليه وسلم -لأنه زوج أمه- وأمى خديجة وأخى القاسم وأختى فاطمة».

هذا القرب المحسوس من بيت النبى صلى الله عليه وسلم لا يتسق مطلقاً مع العبور السريع لكتب التراث على شخصية بهذا الحجم والقيمة، رغم ظهور دليل لا يخطّأ على وجود قناعة كاملة لدى كتاب التاريخ بأن «هنداً» كان من أقرب الشخصيات إلى النبى، وهو ذلك الحديث التى تجده متواتراً فى كتب التراث، بلا استثناء، ويصف فيه «هند» هيئة ومنطق وخلق وسلوك محمد صلى الله عليه وسلم. ومع كل احتفال جديد بذكرى مولد النبى يستدعى الدعاة والوعاظ هذا الحديث، دون أن يفكر أحد فى السر وراء توارى شخصية صاحبه وندرة حضورها داخل كتب التراث.

أخشى أن أقول إن الهوى السياسى يفسر بصورة أو بأخرى تجاهل المؤرخين السنة لـ«هند ابن خديجة». فتشيع «هند» لعلى بن أبى طالب، وانخراطه فى المواجهة العسكرية التى خاضها الخليفة الرابع ضد أم المؤمنين عائشة وطلحة والزبير فى موقعة الجمل قد يكون سبباً فى هذا التجاهل.

هذا التفسير قد يرد عليه بأن المؤرخين اهتموا كل الاهتمام بشخصيات أخرى من وجوه الصحابة الذين تشيعوا لعلى، ما يعنى أن تجاهلهم لهند لم يكن مقصوداً، أو لا يفسره الهوى السياسى كما نذهب. وهو كلام صحيح من وجه، لكنه خاطئ من وجوه أخرى. أما وجه الصحة فيتعلق بما ذكرته من اهتمام كتب التراث بصحابة آخرين تشيعوا لعلى، لكنه خاطئ من زاويتين: الأولى إهمال الموهبة الخاصة التى كان يمتاز بها هند بن أبى هالة فى «الوصف» أو بالمصطلح الحديث «التنظير لسمات الأشخاص والأحداث»، والثانية أن المساحة المحدودة التى أفردتها هذه الكتب للحديث عن هند لا تتناسب مطلقاً مع إيمانه المبكر بالنبى صلى الله عليه وسلم.

بالنسبة للزاوية الأولى تتفق كتب التراث على أن هنداً كان «وصافاً» أى يجيد وصف الأشخاص ويبرع فى رواية الأحداث، وتصفه أيضاً بـ«الرصاف» وهو الشخص الذى يجيد «نظم الكلام». شخص بهذه القدرات من الوارد أن يكون قد ترك نصوصاً ليست بالقليلة فى وصف المقربين إليه من شخوص، مثل أمه خديجة وأخته فاطمة وزوج أخته على بن أبى طالب وابنى أخته الحسن والحسين. فمن يصف النبى صلى الله عليه وسلم بهذه الطريقة المبدعة يصح أن يكون قد وصف «أهل بيته»، ويصح أيضاً أن يكون قد وصف خصومهم.

على سبيل المثال: كانت أم المؤمنين عائشة شديدة الغيرة من خديجة بنت خويلد الزوجة الأولى للنبى وأم هند بن أبى هالة. ورد فى السيرة الحلبية عن عائشة رضى الله عنها قالت: ما غرت على أحد ما غرت على خديجة، ولقد هلكت قبل أن يتزوجنى رسول الله. وقد كانت عائشة كلما غضبت من ذكر النبى لخديجة رددت قولها: «لكأنما ليس فى الأرض امرأة إلا خديجة».

هند «ربيب النبى» كان يعلم أو ربما يسمع ما تردده عائشة فى حق أمه خديجة، ومن المحتمل أن يكون قد علق على أقوالها، إما بنص ينصف فيه أمه خديجة أو بآخر يكايد فيه عائشة. أليس من الوارد أن يكون هناك نصوص قالها «هند» فى وصف أمه السيدة خديجة أو أخته السيدة فاطمة، كما وصف زوج أمه النبى.. أليس من الوارد وجود نصوص أخرى يرد فيها على «عائشة» وهى تلهج بعبارات حادة ضد أمه خديجة؟ لقد شارك «هند» رسمياً فى حرب الجمل ضد «عائشة»، ومؤكد أن من السهل على من حمل السلاح ضد خصم أن يهجو هذا الخصم. فهل دفاع «هند» عن أهل البيت سبب فى تحجيم ظهوره داخل السردية التاريخية الإسلامية؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«ربيب النبي» أين اختفى «ربيب النبي» أين اختفى



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon