توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

جمال عبدالناصر

  مصر اليوم -

جمال عبدالناصر

بقلم :د. محمود خليل

ما إن تحل ذكرى ميلاد أو وفاة الرئيس جمال عبدالناصر، حتى يشتعل الجدل والخلاف حول شخصه، ما بين صاعد به إلى السماء السابعة، وبين من يهيل تراب الأرض عليه.

المشكلة، فى ظنى، ترتبط بطبيعة وتركيبة شخصية جمال عبدالناصر، وما امتازت به من حدة ونظرة للعالم عبر عدسة «الأبيض والأسود»، ومحدودية المساحات الرمادية فى تجربته.

ظهر عبدالناصر حاداً فى انحيازاته الطبقية والقومية، وفى علاقاته الخارجية، وفى موقفه من النظام السابق عليه، حتى فى صداقاته مع رفاق الثورة بدا «ناصر» حاداً فى انحيازاته نحوهم.

وظنى أن أغلب من يتعاملون مع شخصية عبدالناصر بالتأييد المطلق لسياساته وتوجهاته وإنجازاته، أو النفى والمصادرة الكاملة عليها، ينتمون إلى تلك الفصيلة الحادة التى ترى الحياة «أبيض وأسود» ولا تعرف المناطق الوسط.

لو أنك تأملت مسلسل ليالى الحلمية -على سبيل المثال- وما به من إسقاطات ستجد أن المبدع الراحل أسامة أنور عكاشة عبّر، من خلال عائلة «السماحية» وكبيرهم زينهم السماحى الذى لا يعرف التلون، عن جمال عبدالناصر و«الناصرية»، فى الوقت الذى رسم فيه لزعتر (وريث السماحى فى السيطرة على المقهى) صورة الشخص الذى ينكفئ أمام المعلم القوى طيلة حياته، لينقلب عليه ويحاول وراثة عرشه بعد رحيله، إنها صورة الشخص الذى يجيد المراوغة والعكوف فى المناطق الرمادية والوقوف فى منتصف الطريق.

الحدة فى الأداء تؤدى إلى الحدة فى التقييم والنظرة إلى الشخص. لقد تحدّث نجيب محفوظ بلسان حاله فى رواية «أمام العرش» وهو يصف شخصية جمال عبدالناصر قائلاً: «قليلون من قدّموا لبلادهم مثل ما قدّمت من خدمات وقليلون من أنزلوا بها مثل ما أنزلت من إساءات».

كان عبدالناصر من أصحاب المزاج الحاد، وسيرته فى حكم الدولة المصرية أكبر شاهد على ذلك، أعطى للطبقة الفقيرة فى مصر ما لم يعطه زعيم من قبل أو من بعد، لكنه سحق المجتهدين من أصحاب المشروعات الناجحة عندما أمّم ما أقاموه بجهدهم وعرقهم. احتضن القومية العربية بذراعيه، واندفع فى حرب غير محسوبة فى اليمن، وسقط فى فخ حرب يونيو 67 لمجرد خبر غير صحيح عن وجود حشود إسرائيلية على الحدود مع سوريا، ولم يهتم بأثر هذا الاحتضان على الأمة المصرية التى فقدت فى هذه الحروب زهرة شبابها وتآكلت قدرتها الاقتصادية، وبدأت مرافقها فى الترنح. اتخذ موقفاً معادياً لا يتضعضع من إسرائيل، كل الشعب كان يتبناه ولم يزل، لكن إسرائيل تمكنت فى عصره من احتلال مساحات شاسعة من الأرض العربية تفوق ما احتلته فى حرب 1948.

كانت نكسة 67 محطة فاصلة فى حياة عبدالناصر -رحمه الله- إذ بدأت شخصيته فى التنازل عن كثير من حدتها، وشرع يبنى القوات المسلحة بدأب وجهد وعصرية وموضوعية، لكن المشكلة أن أصحاب المزاج الحاد يتوقفون فى نظرتهم عند ما حدث فى 67 ويضربون صفحاً عن جهد عبدالناصر فى حرب الاستنزاف وإزالة آثار العدوان وإعداد البلاد لمعركة التحرير.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جمال عبدالناصر جمال عبدالناصر



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon