توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الكومي» يقش

  مصر اليوم -

«الكومي» يقش

بقلم :د. محمود خليل

الدين أداة أحياناً ما يميل المتصارعون على السلطة إلى توظيفها، كل فى مواجهة الآخر.

وجه الدين كان حاضراً بقوة -على سبيل المثال- فى صراع الزعيم أحمد عرابى مع الخديو توفيق على السلطة. والسر فى ذلك كان انقسام الشعب ما بين مؤيد لعرابى وحركته الشعبية التى نادت بالحكم النيابى وحق الشعب فى تقرير مصيره، ومدافع عن «توفيق» ومعارض لعرابى، يرى أنه أربك أحوال البر، وأن المحروسة لو احتُلت فستكون أفعاله السبب المباشر لذلك، كان هذا الفريق من المصريين يناصرون الخديو ويتبنون وجهة نظره.

حاول كل طرف من أطراف الصراع توظيف الدين لتثبيت فكرة التأييد لدى فريقه، وهزّ قناعات الفريق المضاد له.

فعندما أصدر توفيق قراراً بعزل «عرابى» من نظارة الجهادية والبحرية، لم يسكت الأخير، فدعا إلى مؤتمر عام للقوى الوطنية، اتخذ قراراً سياسياً خطيراً، استند فيه إلى «فتوى شرعية». فقد قرر أعضاء المؤتمر عزل «توفيق» من خديوية مصر بناء على فتوى شرعية من الشيخ العارف بالله شيخ الإسلام والمسلمين السيد محمد عليش وشيخ الإسلام الشيخ حسن العدوى، كما يذكر أحمد عرابى فى مذكراته. ونصت الفتوى على مروق الخديو توفيق باشا من الدين مروق السهم من الرمية لخيانته لدينه ووطنه وانحيازه لعدو بلاده!

الكلام كان خطيراً على المستوى النظرى، لكن عملياً لم يكن بمقدور عرابى ومشايخه تفعيل هذا القرار على الأرض.

رد الخديو على ذلك ببيان جديد يؤكد فيه عزل «عرابى» ويهدد من ينحاز إليه من الجنود أو الأهالى بالحرمان هو وأولاده من جميع الرتب والرواتب ومعينات التقاعد وسائر الامتيازات التى كان متمتعاً بها.

فردّ «عرابى» على الخطوة ببيان بعث به إلى رؤساء الجيش والمسئولين بالمديريات وجميع فروع الحكومة، يدعو فيه إلى العمل بالتوجيه القرآنى الداعى إلى إعداد كل ما هو مستطاع من قوة لقتال الأمة الإنجليزية التى اعتدت على البلاد طمعاً وشرهاً.

بعدها انطلق خطباء الثورة مثل الشيخ أحمد عبدالغنى والشيخ محمود إبراهيم وعبدالله النديم يلهبون حماس الناس ويحرضونهم على الجهاد ضد الإنجليز.

تحمَّس قطاع من الأهالى أشد الحماس دون أن يدركوا الأوهام التى يعيشون فيها. وظنوا أنهم منصورون بالدعاء، فلهجوا فى الشوارع، كما يسجل «عرابى» فى مذكراته: «اللهم إن تهلك هذه العصابة الموحدة -يقصد عرابى ومن معه- فلن تُعبد بعدها فى مصر. اللهم عليك بالإنجليز. اللهم اشدد وطأتك عليهم، وأنزل بهم بأسك الذى لا ترده عن القوم المجرمين، اللهم إنا نجعلك فى نحورهم ونعوذ بك من شرورهم، اللهم احصدهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا ترد منهم أحداً، إنك على كل شىء قدير»!

فى المقابل أخذ توفيق يلح على السلطان العثمانى -مدعوماً من الإنجليز- لإصدار فرمان يعلن فيه عصيان «عرابى» لخليفة المسلمين، حتى استجاب الباب العالى، وما إن صدر الفرمان حتى بدأ الكثيرون، بمن فى ذلك بعض المؤيدين للزعيم، يتشككون فى سلامة الموقف الدينى لعرابى، فانفضُّوا من حوله وكانت الهزيمة.

استطاع الخديو حسم اللعبة لصالحه عندما نزل بـ«الكومى» الذى قشّ ورق عرابى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الكومي» يقش «الكومي» يقش



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon