توقيت القاهرة المحلي 10:37:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مسألة «ضمير»

  مصر اليوم -

مسألة «ضمير»

بقلم: د. محمود خليل

حل المشكلات ذات الطابع الأخلاقى لا يتم عبر القوانين أو التشريعات بل عبر إحياء الضمير.

قد يقول قائل إن «إحياء الضمير» مثالية وهدف يصعب بلوغه، وبالتالى يكون اللجوء إلى التشريع أو التقنين طريقاً أسهل للتعامل مع المشكلات، لكن فى تقديرى أن هذا القول يحتاج إلى نوع من المراجعة.

فى سياق الحديث عن المشاكل التى تعانيها المرأة المطلقة التى يتخلى زوجها عنها وعن أولاده، بعد أن شقيت عمراً معه، أهلك فيه شبابها وصحتها ثم انفلت باحثاً عن غيرها، ضارباً بحقوقها وحقوق أبنائها عليه عرض الحائط.. مثل هذه المرأة تلجأ إلى القانون ويطول بها السعى والجرى بين المحاكم حتى تحصل على حقوقها، وقد تواجه زوجاً متلاعباً لا يعرف ربه ويراوغ على القانون فيما يملك أو فى دخله، وحين يحكم القضاء للمطلقة بحقها وحق أولادها فيما يملك قد يراوغ من جديد ولا يدفع.

لدينا ترسانة كبيرة من القوانين التى تحمى حقوق المرأة المطلقة، ورغم ذلك فإن مشكلاتها وأولادها باقية. البعض يفكر فى إضافة الجديد إليها. مطروح هذه الأيام -على سبيل المثال- سن تشريع أو قانون يمنح المرأة نصف الثروة التى كونها زوجها فى معيتها حال طلاقها أو وفاته، تماماً مثلما تنص القوانين فى بعض المجتمعات الغربية، وبدأت فكرة «الكد والسعاية» تستعاد من التراث الإسلامى ليتم الاستناد إليها فى تأكيد حق الزوجة التى تعبت وكدت مع زوجها فى نصف ثروته.

توجه طيب لا خلاف على ذلك، لكنه غير واقعى، وتقديرى أن مسألة «إحياء الضمير» التى توصف بالمثالية أكثر واقعية منه. السبب فى ذلك معلوم بالبداهة. فهناك بيئات داخل المجتمع المصرى ترفض إعطاء المرأة أى شىء، وتحرمها من حقها الذى سنه القانون وأقره الشرع فى الميراث.. القانون والشرع موجودان، لكن ضمير البعض يأبى.

يقول الله تعالى: «ولا تنسوا الفضل بينكم».. هذه الآية الكريمة تحمل معنى قيمياً كبيراً لو بات جزءاً من ثقافتنا الاجتماعية لأحدث التحول المطلوب دون حاجة إلى قوانين أو تشريعات.

المولى عز وجل يخاطب بهذه الآية مجتمعاً حى الضمير، يعرف فيه الأبناء فضل الآباء والأمهات عليهم، ويعرف فيه الأزواج فضل زوجاتهم، والزوجة فضل زوجها، ويعرف من يأخذ فضل من يعطيه، ومن يعطى فضل من يأخذ عليه، ويعرف الصغير فضل الكبير، والكبير فضل الصغير.

الله تعالى شرع العبادات كلها لهذا الهدف السامى، المتمثل فى إحياء الضمير، وقمة التعبير عنه تتمثل فى تقوى الله.. فمنصة التقوى لا يصل إليها إلا أصحاب الضمائر الحية الذين علمتهم الصلاة والصيام والحج والزكاة هذا المعنى الإيمانى العميق.

أين تقع مسألة «إحياء الضمير» على خريطة منتجاتنا الثقافية حالياً؟.. لقد كانت موجودة فيما سبق. اقرأ روايات نجيب محفوظ، أو يحيى حقى، أو يوسف إدريس، أو توفيق الحكيم. راجع مسلسلات أسامة أنور عكاشة أو يسرى الجندى أو محسن زايد، وستجدها تنطق بالمعانى الداعمة لفكرة إحياء الضمير.

وبإمكانك كى تتأكد من أن طريق الضمير كان الأنجح والأقصر فى حل المشكلة مراجعة معدلات الطلاق والجرائم الأسرية وغيرها قياساً إلى عدد السكان وقارنها بمثيلتها اليوم، وسوف تجد أن المسألة ليست مسألة قانون أو تشريع.. بل مسألة ضمير يدفع الأفراد إلى عدم نسيان الفضل بينهم.. إلا من منح ضميره إجازة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مسألة «ضمير» مسألة «ضمير»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon