توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الشعوب الحائرة

  مصر اليوم -

الشعوب الحائرة

بقلم :د. محمود خليل

زمان كتب توفيق الحكيم مسرحية بديعة عنوانها «السلطان الحائر» تتحدث عن سلطان من سلاطين المماليك فرضت الظروف بيعه لأحد الأشخاص ليتولى عتقه لوجه الله، حتى ينال حريته ويصبح أهلاً للحكم، بعد أن ثبت أن سيده القديم لم يعتقه.

وقع السلطان خلال المزاد الذى انعقد لبيعه فى فخ «غانية» اشترته ورفضت عتقه ومنحه صك حريته، إلا بعد أن يعيش فى كنفها ليلة.

من ناحيتها، كانت الرعية مستمتعة بالمشهد المثير، وبتلك الغانية المتّهمة فى نظر من حولها، واستغلت الليلة التى قضاها السلطان وهو عبد لها لإثبات براءتها، وعلّمته فيها أن العادل لا يأخذ بالشبهة.

السنون مرت والدنيا تبدّلت، وخرج السلطان من حيرته، وبات الكثير من الشعوب العربية هى التى تعيش الحيرة، حين تجد نفسها متأرجحة بين طريقين: طريق الرضوخ للأمر الواقع، وطريق الاجتهاد ومحاولة التصحيح.

علينا أن نعترف أن الشعوب الحائرة التى تواجه ظرفاً يدعوها إلى الاختيار بين كأسين لا يخلوان من مرارة، مسوقة بالكثير من العوامل التى خلقتها بأيديها وأدت إلى الدفع بها نحو السقوط فى بئر الحيرة.

النَّفَس القصير أول عامل للسقوط فى البئر، فنحن نبدأ المشوار ولا نكمله حتى آخره، كثيراً ما تُلح على بعض الشعوب العربية الرغبة بالوقوف فى منتصف الطريق، لتصبح عرضة للدهس. العقل الناضج لا يخطو خطوته الأولى على طريق إلا بعد تفكير، وإذا خطاها لا يترك الطريق إلا فى منتهاه. هكذا فعلت الشعوب التى قرّرت تغيير واقعها ونجحت فى ذلك.

التحرّك فى اللحظة الأخيرة أيضاً من الأسباب التى تُعرقل الشعوب عن الوصول إلى ما تتمناه. فكيف يحقّق الإنسان نجاحاً فى مواجهة مشكلة وقد تركها تتفاقم وسكت عليها أياماً طوالاً، ولما وصل إلى مرحلة عجز فيها عن تحمّلها بدأ يتحرك. التحرك فى مثل هذه الحالة لن يحقّق نتيجة، لأنه جاء فى غير موعده.

التفكّك هو الآخر يُعد عاملاً من عوامل السقوط فى بئر الحيرة. الاختلاف بين البشر أمر طبيعى، لكن عندما يصل الاختلاف إلى تفكّك تظهر المشكلة.

وجهات النظر يمكن أن تتعارض -تلك سنة من سنن الله فى خلقه- لكن ذلك لا يمنع أصحابها من الوصول إلى حل وسط أو توافق يؤدى به إلى السير ككتلة واحدة.

الكثير من الشعوب المجهدة خاضت تجارب خروج من الحيرة، عرقلها النَّفَس القصير، والتحرّك فى اللحظة الأخيرة، والتفكك، لذلك تظل «محلك سر»، يمر الزمن وتتغير الأيام وتتبعثر الجهود وتبقى هى كما هى.. هل تدرى السر؟

إنه ببساطة يتعلق بالثقافة السائدة، الثقافة التى تربّى عليها الإنسان منذ نعومة أظافره، وتزرع الآفات الثلاث التى تؤدى إلى السقوط فى بئر الحيرة بداخلها.

على الشعوب المجهدة أن تفهم أن علتها فى ثقافتها وأساليب تفاعلها مع الحياة، وعليها أن تستوعب أن حل مشكلتها أيضاً فى يدها إذا وعت وغيّرت.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشعوب الحائرة الشعوب الحائرة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon