بقلم :د. محمود خليل
عاد العالم إلى الارتعاد بعد ظهور متحور جديد لفيروس كورونا بعدد من الدول الأفريقية، من بينها: جنوب أفريقيا وبوتسوانا وليسوتو وناميبيا، ويحتوى المتحور على طفرات متطورة عن سلالات أخرى، وينتشر بسرعة كبيرة فى المناطق التى ظهر فيها.
دول أوروبية عديدة قررت منع دخول الرحلات القادمة من عدد من الدول التى ظهر فيها المتحور الجديد، أسواق المال والطاقة ترتبك من جديد بعد الأنباء المتداولة حول الفيروس، منظمة الصحة العالمية تحذر، وفى مصر أعلنت وزارة الصحة أنها تتابع التقارير الصادرة عن المنظمة حول تطورات المتحور الجديد.
ماذا يحدث؟ ومتى تتوقف عمليات «اللف والدوران» حول كورونا؟
ليست المرة الأولى التى يواجه فيها العالم جائحة، فقد واجه فيما سبق العديد من الجوائح التى اشتعلت ثم انطفأت من تلقاء نفسها. فما بال جائحة كورونا تختلف عما سبقها، ولا تريد أن تنطفىء، وما بال العالم كلما خرج من متحور من متحوراتها واجه متحوراً جديداً؟
كورونا مثل غيرها من الجوائح التى واجهها العالم فيما سبق، لكن يبدو أن ثمة أوجه اختلاف فى أساليب معالجتها. فالعالم اليوم أكثر تطوراً على المستويات العلمية والتكنولوجية بصورة تساعده على رصد وتتبع أى تحولات تطرأ على الفيروس، ويمتلك آلة إعلامية فضائية وافتراضية ضخمة تتركب من آلاف القنوات وملايين المواقع القادرة على نشر حالة القلق من مكان إلى آخر كلما جدّ جديد على موضوع الفيروس، كما أن شبكات المصالح التى عادة ما تتكون على هامش أى جائحة تختلف فى طبيعتها ومنسوب استفادتها من كورونا مقارنة بما سبقها من جوائح.
على المستوى الأخير، حصدت شركات «الهايتك» المتعاملة فى مجال الكمبيوتر والبرمجيات والتسويق الرقمى أرباحاً مهولة آخر سنتين، شركات البرامج التى تُعد منصات عمل متخصصة فى المجالات المختلفة حققت أرباحاً ضخمة هى الأخرى، مبيعات شركات الأدوية تضاعفت بصورة غير مسبوقة أيضاً.
سوق الاقتصاد وأسواق العمل والتعليم فى كل دول العالم خضعت لتحولات كبرى خلال العامين الماضيين، ومع دخول لقاحات كورونا إلى الخدمة وارتفاع معدلات التطعيم بدأت العديد من الدول تعود إلى حياتها ونمط أدائها المعتاد قبل الجائحة، ورفض كثير من الحكومات اللجوء إلى الإغلاق حتى بعد ارتفاع حالات الإصابة والوفاة بالفيروس، رغم حمى التطعيم، لكن الأمور بدأت تختلف مع ظهور المتحور الأفريقى الجديد.
البشر فى كل مكان من أرض الله تعبوا وأُجهدوا، قيل لهم الكمامات والإجراءات الاحترازية هى السبيل للوقاية فعاشوا فى ظلها زمناً، قيل لهم بروتوكولات العلاج هى الناجزة فابتلعوها، ثم دخلنا مرحلة التطعيمات فشمّروا عن أذرعهم وتعاطوها، والآن يقولون متحور جديد بطفرات مختلفة. الناس تعبت من الوقائيات والجرعات والتحذيرات والتزمت بما يملى عليها قدر ما تستطيع، ورغم ذلك فالأرقام الخاصة بالإصابات والوفيات كما هى، تعلو وتهبط دون اختلافات نوعية ذات بال ما بين الموجات المختلفة لكورونا.
إيه الحكاية بالظبط؟