بقلم: د. محمود خليل
ماذا لو نجح «إيلون ماسك»، صاحب شركة «تسلا»، فى إنتاج التليفون الذكى المتصل بالأقمار الصناعية المملوكة له؟
لو فعلها «ماسك» فقد يتحول إلى واحد من أبرز الحكام الجدد للعالم، لأنه سيغير وجه الأداء داخل الدول والمجتمعات بصورة غير مسبوقة.
فلك أن تتصور الأوضاع داخل شركات المحمول العالمية إذا حقق «ماسك» وعده ووفر المكالمات الدولية والمحلية بالمجان، دون كروت شحن أو شراء خطوط أو غيره، وباتت التليفونات عبارة عن أرقام متسلسلة «سيريال نامبر» يسلم رقماً إلى رقم بسهولة وبأعلى درجات السلاسة.
لك أن تتصور أيضاً الأوضاع الاقتصادية لشركات توفير خدمة الإنترنت، إذا حقق «ماسك» وعده أيضاً ووفر سبل الاتصال عبر الإنترنت بالمجان دون اشتراكات شهرية أو سنوية، أو باشتراكات زهيدة.
المسألة لا تتوقف عند مجرد توفير الخدمة بل تتجاوزها إلى مستوى جودة خدمة الاتصالات والإنترنت ودرجة سرعتها، بما لذلك من تأثيرات على خدمات أخرى، مثل خدمات المنصات التليفزيونية.
هذا التحول قد يحدث خلال العام القادم أو ما بعده، لا أحد يستطيع أن يحدد على وجه الدقة، ولك أن تتخيل الأثر الذى يمكن أن يترتب على توافر تليفون قمر صناعى فى يد الجميع.
نحن أمام عالم يتغير بإيقاع وبسرعة شديدين، وكما حكيت لك من قبل فإن شركات «الهايتيك» توشك أن تتبوأ السلطة الحقيقية فى العالم ويتحول أصحابها إلى حكام يديرون أمور البشر فى كل مكان من أرض الله.
حالة التضخم التى أصبحت هذه الشركات تتمتع بها باتت ملمحاً من ملامح العصر الذى نعيشه وعلى الدول والحكومات المحلية أن تتنبه إلى ما يمكن أن تواجهه فى المستقبل، حين تقابل عالماً يحكمه تليفون أنتجته إحدى الشركات، والتأثيرات التى يمكن أن تترتب على أوضاعها الاقتصادية والسياسية نتيجة ذلك.
إن عدداً من البرامج ومواقع التواصل المعروفة تمكنت من إحداث ثورة فى عالم الاتصالات التليفونية وتسببت فى خسائر ليست بالقليلة لشركات الاتصالات، كما لعب عدد من البرامج دوراً فى إعادة تركيب شكل أساليب العمل والتعليم، فوفرت له إمكانية التفاعل عن بعد، ولك أن تتصور أوضاع الجامعات والمدارس وبعض أنشطة العمل الأخرى التى تواجه منافسة دولية من نظائر يمكن أن توفر الخدمة نفسها التى توفرها عن بعد بتكلفة أقل وجودة أعلى.
ثمة تأثيرات أخرى سياسية وأمنية ستواجهها العديد من الدول فى حالة إتاحة مثل هذا التليفون، حيث ستمثل شبكته دولة داخل الدولة، وهو أمر ليس بالهين. وهذا التحول مع عدد آخر من التحولات بات يؤثر على حجم الأدوار التى تلعبها الحكومات فى حياة شعوبها، وهى أدوار تضمر باستمرار بفعل التطورات التكنولوجية، وأحياناً برغبة الحكومات نفسها التى تريد أن ترفع يدها عن المواطن اقتصادياً، لكنها لم تزل تصر على إحكام قبضتها عليه سياسياً.. وكل حكومات العالم تتساوى فى ذلك.
دعنى أؤكد لك مرة أخرى أن العالم القادم سوف يشهد المزيد من الحكام الجدد.