توقيت القاهرة المحلي 07:20:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صوت «شلبي»

  مصر اليوم -

صوت «شلبي»

بقلم :د. محمود خليل

المعارك اليوم تدور حول الألفاظ.. فقد ترك المتابعون نتيجة مباراة الأهلى والزمالك التى أقيمت يوم الجمعة الماضى، وأداء الفريقين والمدربين فيها، وبات التركيز على مجموعة «الإفيهات» التى ضربها المعلق الرياضى الكابتن مدحت شلبى على هامش ما شهدته المباراة من أهداف.

شاهدت المباراة مثل غيرى، واستمتعت بأداء اللاعبين فيها، ولا أخفى عليك أننى التفتُّ أيضاً إلى الإفيهات التى اجتهد «شلبى» فى رصها، وهو يصف أداء اللاعبين أو الأهداف التى كانت تزغرد فى الشباك هنا وهناك من وقت إلى آخر من أوقات المباراة.

وابتداء أجد من الضرورى الانتباه إلى أن بعض ما غرّد به المعلق لم يكن أكثر من رص كلام منغوم صوتياً دون أن يكون له معنى واضح، إنها ببساطة هتافات الزحمة التى تعتمد على رص الكلام بإيقاع صوتى يطرب الجماهير.

ليس هناك معنى فى قول المعلق: «آه منك يا معلول.. ياللى حطيت الزغلول.. آه منك يا لول» إنه ليس أكثر من سجع كلام يطرب السامع، لكنه لا يحمل أى معنى، مجرد فرقعة صوتية تتناغم مع التعليق على «ديربى» كرة قدم.

قِس على ذلك أيضاً إفيهات: «العفيف الشريف المخيف.. يا لطيف يا لطيف».. إنه أيضاً سجع كلام يحمل معانى متناقضة، فما العلاقة بين العفة والخوف واللطف؟.. وإفيه «كعب السولية المتحنى» الذى صرخ به مدحت شلبى لا يعبر عن لعبة «الرابونا» التى أداها اللاعب، بلف ساقه ولعب الكرة بوجه القدم وليس بكعبه.. إنه رصّ كلام ليس أكثر، وفى الزحمة يصبح المعنى غير مهم.. السجع أهم فى مثل هذه الأحوال.

نحن أبناء ثقافة تحتفى بالصوت أكثر مما تكترث بالمعنى، والجدل حول هذه الشقشقات اللفظية يعبر بأمانة عن ولاء عميق لثقافتنا تلك.

لقد ظل المصريون يسمعون قصائد العظيمة أم كلثوم التى لحنها السنباطى العظيم (الأطلال، وسلوا كؤوس الطلا، ورباعيات الخيام، وغيرها)، ونادراً ما كان بعضهم يتوقفون ليسألوا عن معانى بعض المفردات الغامضة بالنسبة لهم، فالمهم الإيقاع والصوت والطرب.

ومن عجب أن عمود اللغة العربية المتمثل فى «النحو العربى» لا يكترث بأن تحمل الجمل معانى حتى تخضع لقواعد الإعراب، فأى رص معدوم المعنى يمكن أن يعربه اللغويون. فجملة «استمز المستعص بصحكاحته» تتكون من فعل ماضٍ وفاعل وجار ومجرور ملحق به ضمير مضاف إليه، وليس مهماً بعد ذلك أن الجملة تحمل مفردات ليس لها أى معنى.

هذا الطابع الصوتى الغالب على ثقافتنا، يدفعنا فى بعض الأحوال إلى تنحية الموضوع جانباً والخناق حول اللغة والألفاظ.

على سبيل المثال ما زالت خناقة 5 يونيو 67 قائمة حول اللفظ الأوجه فى توصيفها وهل هو «هزيمة» أم «نكسة»؟. إنه الغرق فى اللفظ للهروب من المعانى الموجعة للأشياء والأحداث.

وعلى ما بين حدثى 5 يونيو 67 و5 نوفمبر 21 من فارق كبير، إلا أن التعاطى مع اللفظ ما زال هو السائد، وصوت الخناق عليه ما زال يعلو فوق صوت البحث عن أسباب الهزائم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صوت «شلبي» صوت «شلبي»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon