توقيت القاهرة المحلي 07:53:02 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لف ودوّر.. هتلاقي

  مصر اليوم -

لف ودوّر هتلاقي

بقلم: د. محمود خليل

نحن بالفعل كثير.. وعلاوة على أننا كثير، فإننا محشورون منذ آلاف السنين فى شريط ضيق (الوادى والدلتا) لا يشكل أكثر من 3.5% من مساحة الأرض التى نعيش عليها، والكثرة المحشورة فى بقعة ضيقة تخدع البصر «فتبان أكتر».

إذا ذهبت إلى الجامعات فى مصر فسوف تجد زحاماً تظن معه أن المصريين فى أغلبهم طلبة جامعة.. وإذا نزلت صباحاً وتجولت أمام المدارس فقد تظن أن أغلب المصريين تلامذة مدارس.. وإذا رحت إلى مستشفى فقد يأتيك ظن بأن أغلب المصريين مرضى.. وإذا دخلت سوبر أو هايبر ماركت فسوف تخرج وأنت تظن أن جيوب الناس ملآنة بالجنيهات من فرط الزحام.. وإذا وقفت على محطة أوتوبيس فقد تظن أن المصريين جميعاً ينتظرون مواصلة.. وقس على ذلك فى نواح عديدة من حياتنا.

حال المصريين هى حال البشر الذين يتشابهون معهم فى الظروف فى كل زمان ومكان، منهم قلة غنية، وشريحة متوسطة ممتدة، وطبقة فقيرة عريضة.

الأغنياء قلة لأن الثروة تُغرى بالاحتكار وتقليل عدد الأيدى التى تتقاسمها. فى كل مجتمعات العالم تجد من يملكون الكثير هم نسبة ضئيلة من بين أفرادها، ويتحددون فيمن يجلسون فوق القمة أو يرتبطون بصلات من نوع ما بالجالسين فوقها. وليس من المستغرب فى ظل الوفرة المالية التى يتمتع بها الأغنياء أن تجد من بينهم من يمتلك سيارة بعدة ملايين، أو يتزاحم مع غيره على حجزها، لكن ذلك لا يمنح بحال مؤشراً عن الحالة الاقتصادية السائدة.

قبل ثورة يوليو 1952 كان المجتمع المصرى يوصف بأنه مجتمع الـ5%، كانت هذه النسبة الضئيلة من المصريين تحتكر الأرض الزراعية والثروات المالية وتركب السيارات وتسكن القصور الفارهة وتقضى الصيف فى أوروبا وتعيش العيشة التى كانت توصف فى ذلك العصر بعيشة الباشوات، لكن المجتمع المصرى ككل لم يكن مجتمع باشوات، بل مجتمع فقراء يعانون بأشكال وصور مختلفة.

فى مقابل النسبة الضئيلة من الأغنياء يظهر فى الصورة النسبة الغالبة من الفقراء التى تعيش حياتها يوماً بيوم، تحاول مواءمة وتكييف ظروفها مع أشباح الغلاء، ومعالجة الفجوة المتنامية بين الدخل والاحتياجات، وتبحث باستمرار عمن يمد لها يده. وما أكثر ما يتعرض الفقير للوم من جانب الغنى، فالأخير يتهم الأول بأنه المسئول عن فقره، بسبب قلة اجتهاده، أو فساد أسلوبه فى إدارة حياته ومقدّراته، وما أكثر ما يقابله بالنصح والتوجيه والإرشاد، مهملاً أن قوانين الاجتهاد وحُسن إدارة الدخل لا تُعد شروطاً ذات بال لتحسين ظروف الحياة فى مجتمعات لا تحتكم إلى مبدأ تكافؤ الفرص، بل لحسابات أخرى.

وبين الأغنياء والفقراء يقبع المتوسطون الذين ينجحون فى تحقيق دخل جيد، يوجهه بعضهم إلى الاستهلاك.. والسر فى ذلك أن أغلبهم خرج من رحم طبقات فقيرة، عاشت الجوع والحرمان، ويبدو ميلها إلى الاستهلاك بعد توافر بعض المال فى يدها أمراً طبيعياً لتعويض سنوات الفقر. وتقع هذه الطبقة فى مرمى نظر الحكومات وكذلك الأغنياء الذين يجيدون استثمار أموالهم، ويعرفون جيداً الطرق والمسالك التى يصح أن يصلوا بها إلى جيوب أفرادها.

الكثرة والولع بالاستهلاك من جانب الشريحة العليا من الطبقة المتوسطة هما السر وراء خداع البصر الذى يشعر به البعض وهو يلاحق ظاهرة الطوابير ليثبت لنفسه فكرة لا تصمد أمام أى تحليل عقلانى.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لف ودوّر هتلاقي لف ودوّر هتلاقي



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon