توقيت القاهرة المحلي 11:21:10 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من «الشوربة» إلى «الكشك»

  مصر اليوم -

من «الشوربة» إلى «الكشك»

بقلم: د. محمود خليل

ملاحظة عجيبة ربما التفت إليها مَن عاش أو يعيش فى أحد الأحياء الشعبية بالقاهرة، تتعلق بأسماء الحوارى. فثمة حوارٍ شهيرة تتوزع على أحياء القاهرة تسمى بأسماء أطعمة معينة مما يحبه المصريون.

على سبيل المثال حارة اسمها «حارة الشوربة» -تكتب أحياناً الشربة- لا يدرى ساكنوها هل ارتبط هذا الاسم بوجود أحد أحواض أو أسبلة الشرب بها أم أن الأمر ارتبط بأحد صناع الشوربة الذين كانوا يعملون بها، واشتهرت الحارة باسمه، كما حدث مع «حارة الملوخية».

«حارة الملوخية» حارة سكنها نجل القائد جوهر الصقلى قائد الحملة العسكرية الفاطمية على مصر، وسميت الحارة باسمه، ولكن بعد عقود من موت «ابن القائد» تحول اسمها إلى حارة «ملوخية» أو «ملوخيا» -كما يذكر على مبارك فى الخطط التوفيقية- وملوخيا هذا أحد فراشى القصر الكبير، وقد لقى مصرعه على يد الحاكم بأمر الله.

وهناك حارة «كشك» تلك الأكلة الشهيرة التى كانت تشكل وجبة أساسية من الوجبات التى يؤثرها المصريون، وتجد أن خناقة كبيرة دبت بين الزوجة وحماتها فى فيلم «ست البيت» بسبب أكلة الكشك.

و«حارة جميزة» التى تقبع خلف مسجد ومدرسة «تغرى بردى» بشارع الصليبة، ولا يوجد تفسير لاسمها، حيث لم يذكر أى من المقريزى أو على مبارك فى خططهما أنها ارتبطت بشجرة جميز كانت فى صدرها، فهل اكتسبت هذا الاسم من تعلق أهلها بثمر الجميز؟

و«عطفة الحلاوة» التى تعكس ميل المصريين إلى السكريات، ولعلك تلاحظ أن هناك شوارع وحوارى مصرية عديدة سميت بـ«السكرية»، ربما يكون بعضها قد ارتبط بوجود وكالات قديمة لبيع السكر بداخلها، وقد يكون السبب غير ذلك، وقد ألّف نجيب محفوظ الجزء الثالث المعنون بالسكرية، وتدور أحداثه فى حى بهذا الاسم.

أسماء أخرى عديدة لحوارٍ وشوارع ودروب وأزقة ستجدها تحمل حتى اللحظة أسماء أطعمة معينة ارتبطت بتاريخهم أو بتفضيلاتهم الغذائية. وهى تعكس من زاوية أخرى أهمية الطعام بالنسبة للناس، ولا يختلف المصريون عن غيرهم من الشعوب فى هذا السياق، فالإنسان بحاجة إلى القوت مثلما هو بحاجة إلى الإحساس بالأمن.

الاستثناء فى مصر يتعلق بإطلاق أسماء الأطعمة على الحوارى والعطفات والدروب، ولا أستطيع أن أحدد هل تشاركنا شعوب أخرى فى هذه الظاهرة أم لا؟. كل ما نستطيع تقريره فى هذا السياق أن الغذاء موضوع معضل ومهم بالنسبة للأجيال المتعاقبة من المصريين، ربما ارتبط ذلك بما عاناه هذا الشعب أيام المجاعات وشح النيل. ولو أنك استعرضت الشدة المستنصرية أواخر العهد الفاطمى فسوف تعذر الآباء والأجداد حين أطلقوا أسماء الأطعمة على أماكن معيشتهم.

وثمة اتفاق بين المصريين أن مشروعات الأغذية فى مصر لا تخسر، فهى دائماً كسبانة وربحانة، لأن الناس قد تفرّط فى أى شىء إلا الغذاء، وهذه المسألة قديمة قدم الأسواق والسويقات فى بر المحروسة، حيث يتم عرض البضاعة لمن يريد الشراء.

فى كل الأحوال للشعوب ثقافتها وأسبابها وهى تصنع الظواهر المختلفة، بما فى ذلك ظاهرة الاحتفاء بـ«المم».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من «الشوربة» إلى «الكشك» من «الشوربة» إلى «الكشك»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 09:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
  مصر اليوم - ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ حماس

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 09:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
  مصر اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 05:09 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تعرف على أبرز وأهم اعترافات نجوم زمن الفن الجميل

GMT 15:04 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

طريقة إعداد فطيرة الدجاج بعجينة البف باستري

GMT 00:45 2024 الأربعاء ,07 آب / أغسطس

سعد لمجرد يوجه رسالة لـ عمرو أديب

GMT 11:04 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

منة فضالي جمهورها بمناسبة عيد الأضحى

GMT 20:31 2021 الثلاثاء ,01 حزيران / يونيو

وادي دجلة يكشف خطة الفريق للبقاء في الدوري الممتاز

GMT 09:26 2021 الأربعاء ,12 أيار / مايو

"الفيفا" يعلن مواعيد مباريات تصفيات كأس العرب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon