توقيت القاهرة المحلي 11:18:15 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«امرأة تملكهم»

  مصر اليوم -

«امرأة تملكهم»

بقلم :د. محمود خليل

عندما حكمت شجر الدر مصر أرسل الخليفة العباسى رسالة إلى الأمراء المماليك المحيطين بها قائلاً: «أعلمونا إن كنتم قد عقمتم إنجاب الرجال أن نسير إليكم رجلاً ليحكمكم». لم يكن الخليفة مدفوعاً وهو يكتب هذه الرسالة بمعلومات تقول إن السلطانة لا تجيد الحكم أو اتخذت قرارات غير حكيمة تشكك فى أدائها، السر كان فى كونها «امرأة» ولا يصح -من وجهة نظر الرجل- أن تحكم المرأة الرجال، أو أن تلى أمرهم.

ثقافة الخليفة كانت وليدة وقتها وظرفها، لأن الأمر فى زمن النبوة والخلافة الراشدة لم يكن كذلك، بل ارتكز على الشراكة بين الرجل والمرأة، فخديجة -رضى الله عنها- شاركت محمداً صلى الله عليه وسلم فى التفكير والتدبير فى أخطر المواقف، وكذا كانت «فاطمة» مع على بن أبى طالب، رضى الله عنهما، وأسماء بنت أبى بكر مع ولدها الزبير بن العوام، وكان للمرأة دور فى تحريك الأمور وصناعة القرارات داخل قصور الحكم الأموى والعباسى والعثمانى.

كانت المسألة «شراكة» والدنيا ماشية. وكان مفهوماً لدى الناس جميعاً أن الدرجة التى جعلها الله للرجل على المرأة «ولهنَّ مثلُ الذى عليهنَّ بالمعروفِ وللرجالِ عليهنَّ درجة» تعنى المسئولية المضافة على كاهل الرجل ليس أكثر، فقد شاءت حكمة الله أن تضع مسئوليات أكبر على الذكر، فالقوامة فى الإسلام تعنى المسئولية: «الرجالُ قوَّامونَ على النساء»، وهى فى كل الأحوال لا تعنى الأفضلية، لأن المساواة أصل أكده القرآن.

الآن يوجد مشروع مطروح داخل مجلس النواب، مشروع قانون بتجريم تعدد الزوجات دون علم الزوجة، ينص على فرض عقوبات على الرجل الذى يُقدم على الزواج الثانى دون إخطار الأولى.

الإسلام -كما حدثتك من قبل- حاصر مبدأ تعدد الزوجات، وعندما حددهن فى أربع كان يحاصر، لأن العدد قبل هذا التشريع كان مفتوحاً، كما وضع شروطاً للخطوة، ونصح القرآن الكريم بالزواج من واحدة، لأن الرجل لن يستطيع تحقيق الشرط الصعب المتمثل فى «العدل» فى حالة التعدد، لكن ذلك لا يعنى أن ننكر المبدأ، فهو قائم ومحكوم بالظرف والثقافة الاجتماعية السائدة.

فكرة «الثقافة الاجتماعية السائدة» تمثل حجر الأساس فى البناء التشريعى فى الإسلام، فالقوامة مسئولية والمسئولية أساسها الظرف، الله تعالى جعل القوامة فى العموم للرجل، انطلاقاً من الثقافة السائدة فى المجتمعات، لكنه توقف أمام نموذج بلقيس كنموذج استثنائى يؤكد قوامة المرأة: «إِنِّى وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَىءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ»، ومؤكد أن الخليفة الذى استهجن اعتلاء شجر الدر عرش مصر كان سيغير رأيه لو تأمل الآية جيداً.

رخصة التعدد جعلها الله للرجل، وقد كانت كذلك قبل أن تُشرّع فى الإسلام، والحديث عن وضع عقوبات (تصل إلى الحبس) على الرجل الذى يحجم عن إخطار زوجته قلب للأشياء، خصوصاً أن القانون يعطى المرأة فى مثل هذه الأحوال حق الطلاق للضرر (أتفهم فى هذا السياق طبعاً أن نشرع ما يحمى حق المرأة المطلقة)، ويوجب على المأذون إخطار الزوجة الأولى، والأخطر أنه يمثل تناقضاً مع الثقافة الاجتماعية السائدة، التى تؤكد على الزواج بواحدة، وكل الأرقام تقول إن تلك هى الحالة الشائعة، وبالتالى فلا لزوم لطرح موضوعات وسن تشريعات تتعامل مع حالات استثنائية، كما أن المرأة المصرية بطبيعتها وثقافتها تأبى أن تكون سبباً فى سجن زوجها، على الأقل أغلبية سيدات الريف والطبقات الشعبية فى مصر تتبنى هذه الثقافة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«امرأة تملكهم» «امرأة تملكهم»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon