توقيت القاهرة المحلي 07:44:38 آخر تحديث
  مصر اليوم -

امرأة واحدة لا تكفى..!

  مصر اليوم -

امرأة واحدة لا تكفى

بقلم :د. محمود خليل

ما إن نخرج من معركة حتى تلحق بها أختها.. جدل لا ينتهى حول أمور ومسائل حين تتابع طرق تناولها والحجج والآراء المطروحة على ألسنة وأقلام المؤيدين أو المعارضين لها تجدها ثابتة لا تتغير، فليس ثم من جديد تحت شمس المحروسة.

فجأة، ومن علوم الله، قفز موضوع تعدد الزوجات على سطح الجدل العام فى مصر، بمناسبة الإعلان عن زواج أحد مشاهير الرياضيين على زوجته.

أيَّد من أيَّد الخطوة مستنداً إلى تأويلات دينية، وعارض من عارض هذا الفعل بتأويلات دينية أيضاً، ولا يهم مستوى الوجاهة فيما يقدمه هذا الطرف أو ذاك، فالأهم هو اشتعال الجدل وقصف الجبهات والهجوم المتبادل بين من يعتبرون أنفسهم حراساً للعقيدة، ومن يظنون أنفسهم رسل تنوير.

ثمة نقطة أساسية لا بد أن نلتفت إليها ونحن بصدد تحليل بعض الظواهر مثل «تعدد الزوجات»، تتمثل فى الطبيعة الاجتماعية -وليس الدينية- لها، فالتطور الاجتماعى -وليس أدبيات الفقه الدينى- لعب الدور الأهم فى محاصرة هذه الظاهرة.

زمان كان الزواج بأكثر من واحدة اتجاهاً عاماً يتقبله المجتمع ولا يجد فيه أى مشكلة، راجع كتب التاريخ وستجد أن الخديو إسماعيل -على سبيل المثال- كان له 14 من الزوجات والجوارى، وجده محمد على تزوج 13 مرة، وما كان يجرى على الوالى والخديو كان يجرى على الشعب، فكان من العادى جداً أن يتزوج كل من يملك القدرة المالية أكثر من واحدة، وحتى بعض المعسرين مالياً كانوا يعددون الزوجات، ولم يكن المجتمع يجد غضاضة فى ذلك.

ومع الدخول إلى القرن العشرين بدأت الأمور تختلف، فتجد أن كلاً من السلطان حسين كامل والملك فؤاد وفاروق اتجها إلى نبذ فكرة تعدد الزوجات والاكتفاء بواحدة، فى وقت بدأ المجتمع المصرى فيه يبتعد تلقائياً عن هذه الممارسة، ولم يمنع ذلك البعض من مواصلتها.

ليس معنى تناول القرآن الكريم لموضوع تعدد الزوجات أن نعتبره قضية أو مسألة دينية، فالقرآن كان يناقش الظاهرة اجتماعياً وإنسانياً، والتعدد الذى طرحه القرآن كان هدفه المحاصرة وليس الإطلاق، لأن القارئ فى تاريخ العصر الجاهلى يجد أن الباب كان مفتوحاً للرجل ليتزوج أو يجمع بين أى عدد يريده من الزوجات، وبالتالى فالقرآن عندما حدد الجمع فى أربع كان يحاصر.

لقد اعتمد القرآن الكريم على منهجية التدرج فى التشريع مراعاة للظروف والتحولات الاجتماعية، لذا كان من الطبيعى أن يبيح التعدد مع محاصرته وعدم إطلاق يد الرجل فى الزواج فى البداية، ثم يضع شروطاً للجمع بين أكثر من زوجة، مما يدلل على أن الإسلام واجه التعدد، وترك للأجيال التالية من المسلمين فرصة للاحتكام والامتثال لظروفهم الاجتماعية التى ستدفع بالبداهة فى اتجاه المزيد من المحاصرة، وهو ما حدث بالفعل.

فتعقُّد الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية عند الانتقال من جيل إلى جيل ومن عصر إلى عصر مثَّل العامل الأهم فى محاصرة ظاهرة تعدد الزوجات، ليتأكد أن تأثير الزمن أخطر بكثير من المعارك الوهمية التى تدور بين من يصفون أنفسهم بالمحافظين والآخرين التنويريين، وأنهم فى النهاية لا يغيرون شيئاً.. الزمن فقط هو الذى يطور ويعالج.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

امرأة واحدة لا تكفى امرأة واحدة لا تكفى



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:14 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

محمد صلاح يتصدر قائمة أفضل 10 مهاجمين في أفريقيا
  مصر اليوم - محمد صلاح يتصدر قائمة أفضل 10 مهاجمين في أفريقيا

GMT 20:01 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة
  مصر اليوم - أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة

GMT 09:38 2024 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

أفضل ماركات العطور النسائية للخريف

GMT 01:24 2018 الخميس ,28 حزيران / يونيو

تذبذب أسعار الدواجن في الأسواق المصريةالخميس

GMT 21:46 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

تعرَف على جمال مدينة "دهب" جنوب سيناء

GMT 18:21 2024 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

أهمية تناول المكملات الغذائية يومياً

GMT 10:03 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

أفكار تنسيق موديلات عبايات أسود وذهبي للمناسبات

GMT 00:30 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عطل في تطبيق جيميل Gmail والمستخدمون يلجأون لتويتر

GMT 09:01 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

ليلى طاهر تعلن اعتزالها التمثيل دون رجعة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon