توقيت القاهرة المحلي 05:08:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حين نتنفس حرية

  مصر اليوم -

حين نتنفس حرية

بقلم: د. محمود خليل

خلق الله تعالى الإنسان حراً فى اختياراته فى الحياة، وجعل تفعيل هذه الاختيارات فى الواقع مرهوناً بمشيئته جل سلطانه.. وجوهر المشيئة الإلهية سحابات رحمة يسير الإنسان فى ظلها.. وعلى الإنسان ألا يفرح بتحقيق اختيار، وألا يحزن لفوات شىء اختاره أو أراده فهو ليس مطلعاً على الغيب، ولا يدرى الأنفع والأصلح له من بين ما اختار بمحض إرادته: «لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ».

فى أخطر المسائل التى ترتبط بعلاقة الإنسان بالسماء، منح الخالق العظيم الإنسان حريته كاملة.. فقد جعل «البلاغ» مهمة الرسل، دون أن يشغلوا أنفسهم بإيمان مَن يبلغون، حساب الناس على الله: «فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ».. فالإيمان بالله حرية وكذلك عدم الإيمان: «وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ».

وبشكل صريح لا يحتمل المواربة، نص القرآن الكريم على عدم الإكراه فى الدين. يقول الله تعالى: «لا إكراه فى الدين».. ويقول: «أَفَأَنْتَ تُكْره النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ».. ويقول: «لَكُم دِينُكم وَلِى دِين».. فالهداية ليست بالإكراه الإنسانى: «مَنْ يَهدِ اللهُ فهوَ المهتَد».. وهى أيضاً ليست بالمحبة: «إِنَّكَ لَا تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِى مَنْ يَشَاءُ».

شعائر الإسلام وأخلاقياته كلها تصب فى خانة التأكيد على الحرية.

إفراد العبودية لله سبحانه تحرير للإنسان من استعباد غيره.. فكل البشر متساوون فى الصحة والمرض، والعطش والارتواء، والجوع والشبع، والأهم فى الحياة والموت، الفضل كله لله، وليس لإنسان فضل على آخر إلا فى إطار ما ينظم الحياة ويحمى المجتمعات، الإنسان فى هذه الحالة مسئول عن الانخراط فى النظام حتى لا تسود الفوضى الحياة.

الصلاة تحرير للإنسان من عبودية الحياة، حين يركن خلال لحظاتها إلى الخالق عز وجل، ويلوذ بكهف إيمانه، وينخلع من الحياة ومشاكلها وضغوطها.

الصيام تحرير للإنسان من عبودية الجسد، وما يدور فى فلكه من شهوات ورغبات، وحالة من السمو بالروح لتحلق فى السماء، وتنخلع من متاع الحياة الدنيا، إنه تعويد للإنسان على التحرير من نقاط ضعفه.

الحج انخلاع من عبودية الأحبة، من عبودية الزوجة أو الزوج والأولاد، خروج من دوائر المال والعمل، وانطلاق إلى رحاب الله تعالى، فى رحلة إيمانية حرة إلى بيته الحرام.

الزكاة تحرير للإنسان من عبودية الشح.. فالإنسان ميال إلى الكنز والشح فى الإنفاق.. يقول الله تعالى: «وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ».. وإخراج الزكاة والصدقات يحرر الإنسان من أن يكون عبداً للمال: «تعس عبدُ الدينار.. تعس عبدُ الدرهم».

أخلاقيات الإسلام وقيمه تدور أيضاً فى فلك التأكيد على الحرية.. فالصدق حرية.. والأمانة حرية.. والوفاء حرية.. والصبر حرية.. والعدل حرية.. والإحسان حرية.. وصلة الرحم حرية.

كل قيم الإسلام تحرر الإنسان من أن يكون عبداً لنفسه وهوى نفسه.. وكل ما يعاكس هذه القيم يدعم العبودية، فالكذب والخيانة والضجر والظلم والإساءة وقطع الرحم تمثل أشكالاً مختلفة من العبودية لهوى النفس.. الحيود عن قيم الإسلام معناه أن الإنسان بات أسير نفسه وتخلى عن حريته.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين نتنفس حرية حين نتنفس حرية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 18:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
  مصر اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 05:08 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية
  مصر اليوم - عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 04:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم
  مصر اليوم - القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 05:09 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تعرف على أبرز وأهم اعترافات نجوم زمن الفن الجميل

GMT 15:04 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

طريقة إعداد فطيرة الدجاج بعجينة البف باستري

GMT 00:45 2024 الأربعاء ,07 آب / أغسطس

سعد لمجرد يوجه رسالة لـ عمرو أديب

GMT 11:04 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

منة فضالي جمهورها بمناسبة عيد الأضحى

GMT 20:31 2021 الثلاثاء ,01 حزيران / يونيو

وادي دجلة يكشف خطة الفريق للبقاء في الدوري الممتاز

GMT 09:26 2021 الأربعاء ,12 أيار / مايو

"الفيفا" يعلن مواعيد مباريات تصفيات كأس العرب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon