توقيت القاهرة المحلي 07:53:02 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حرب العصابات

  مصر اليوم -

حرب العصابات

بقلم: د. محمود خليل

فكرة مثيرة يطرحها المسلسل الإسبانى «لاكاسا دى بابيل» أو «بيت من ورق» فى موسمه الأخير الذى أذيعت حلقاته منذ أيام، هى فكرة «حرب العصابات»، ويضعنا تحديداً أمام عصابتين: عصابة الشباب التى يقودها «البروفيسور» وعصابة الحكوميين أو المسئولين.

قررت عصابة البروفيسور سرقة الغطاء الذهبى للاحتياطى الفيدرالى الإسبانى من البنك المركزى، ووظّفت فى ذلك كل ذكائها وقدراتها وطاقتها القتالية، وتمكنت من دخول البنك ووضع يدها على الذهب، وشرعت تعمل على إخراجه من البنك فى عملية شديدة التعقيد بدأت بتسييله فى بلورات صغيرة الحجم، تم تسريبها عبر أنابيب صرف المياه الملحقة بالبنك، ومنها إلى خزان أمطار يقبع به مجموعة تابعة للعصابة لتتولى استقباله وصهره وصبه من جديد فى سبائك.

فى المقابل، اصطف المسئولون الإسبان من كافة الأطياف الأمنية فى مواجهة عصابة البروفيسور ودخلوا معها فى صراع مرير لإحباط عملية سرقة الغطاء الذهبى والقبض على المجرمين، مستخدمين فى ذلك قدرات الدولة وأدواتها وكوادرها المحترفة.

عملية الانتقال من هذا الفريق إلى ذاك كانت حاضرة عبر كل حلقات المسلسل، فأفراد من عصابة البروفيسور أحياناً ما تحركوا إلى طرف الحكومة، وأفراد من المسئولين الأمنيين كانوا ينضمون إلى طرف البروفيسور.

خلال الحلقات المختلفة للصراع، كانت تقفز حوارات تدلل على نظرة البروفيسور -زعيم عصابة الشباب- إلى الحكومة كعصابة لا تقل شغفاً بالسطو والنهب عنه، وأنه يفعل مثلما تفعل. فى إحدى عمليات السطو التى قامت فيها العصابة بطباعة الملايين من اليوروهات حتى لا تتمكن السلطات من مطاردتهم بأرقام عملات سرقتهم بعد الفرار، دار حوار بين البروفيسور وأحد المسئولين الأمنيين، حيث قال له المسئول: أنت تعرض اقتصاد البلاد للخطر بطباعة العملة على المكشوف، فرد عليه البروفيسور قائلاً: نحن نفعل ما تفعله الحكومة بالضبط، وكل ما طبعناه هو مليار يورو، ثم سرد له عمليات الطباعة على المكشوف التى قامت بها الحكومة خلال آخر 3 سنوات.

وفى عملية السطو على الغطاء الذهب عرض «البروفيسور» على كبير المسئولين المطاردين له الحل الذى ينجو به الطرفان، دون أن يعيد سبائك الذهب التى سرقها، وهو أن يتم وضع سبائك نحاس مطلية بالذهب مكانها، وقال له إن هذه الحيلة ستعيد أوضاع الاقتصاد الإسبانى إلى حالتها الطبيعية بعد أن اهتزت بشدة عقب الإعلان عن السرقة، وهو ما حدث بالفعل، ولحظتها قال له البروفيسور: الأسواق تبحث عن وهم، وفرّت العصابة بالسرقة والحكومة بوهم الانتصار.

كل عصابة كانت تلعب على نقاط ضعف غريمتها. وقد أبرز المسلسل إجادة عصابة البروفيسور فى اللعب على نقاط ضعف المسئولين، المتمثلة فى أغلب الأحوال فى جرائم ارتكبوها - مثلهم فى ذلك مثل العصابات- ويهدد البروفيسور بكشفها، بل وكشف بعضها بالفعل للرأى العام.

أما الرأى العام، فقد وقف يشجع ويهلل لكل عصابة، وانبهر بمباراة الذكاء التى تدور بين العصابتين، ومال أغلبه إلى عصابة البروفيسور بحكم الكراهية الشعبية التاريخية للحكومات، ونظر إلى فعلها كتعبير عن الاحتجاج على أوضاع ظالمة.

هكذا الناس دائماً ينحازون إلى أى تشكيل يشفى غليلهم من أى فريق آلمهم وأوجعهم وسرق حقوقهم، لكنهم ينسون دائماً أن الفريق الثانى يسرق هو الآخر حقهم ومقدرات حياتهم، المتنافسون ينهبون والأكثرية غارقة فى الأوهام.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب العصابات حرب العصابات



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon