توقيت القاهرة المحلي 01:20:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«النملة».. وصيحة الكرامة

  مصر اليوم -

«النملة» وصيحة الكرامة

بقلم: د. محمود خليل

اتسم أداء الرئيس الراحل حسنى مبارك بدرجة واضحة من التوازن خلال الفترتين الأولى والثانية من حكمه (من 1981-1993)، وتمكن خلالهما من تبريد المشهد السياسى الساخن فى مصر بعد استشهاد الرئيس أنور السادات، وعبر بالبلاد أيضاً من أزمة اقتصادية عاتية استعرت منذ منتصف الثمانينات، وخدمه فى عبورها بعض الأحداث التى فاجأت المنطقة مثل الغزو العراقى للكويت، ثم حرب تحرير الكويت بمعرفة التحالف الدولى الذى قادته الولايات المتحدة الأمريكية.

ماء كثير بدأ يجرى فى نهر الحياة فى الحقبة المباركية منذ عام 1994، عندما بدأت أقدام السلطة تثبت على الأرض، وشرعت الحكومة فى بيع مشروعات القطاع العام، وتوسعت أدوار رجال الأعمال، وباتوا بمرور الوقت جزءاً من مركب السلطة السياسية فى مصر، بالإضافة إلى تبلور قوى الإسلام السياسى كأبرز القوى المعارضة على الساحة السياسية، وأصبحوا يشكلون جزءاً لا يتجزأ من النظام السياسى فى مصر.

مستجدات التسعينات أخذت تتدخل بمرور الوقت فى تشكيل معادلة الحقب التالية من فترة حكم مبارك، وعندما وصل قطار الزمن بالمصريين إلى العام 2005 كانت طبقة الحكم قد تبلورت فى شبكة من أبناء العائلات والساسة ورجال الأعمال، وتبلورت طبقة المعارضة فى جماعة الإخوان وبعض الأحزاب السياسية محدودة التأثير، والكل كان يعمل فى فلك السلطة.. السلطة كانت مطلقة فى يد الرئيس.. والسلطة المطلقة -كما يقولون- مفسدة مطلقة، كما أدى الزواج بين المال والسياسة إلى فساد أكبر وأخطر على المقدرات الاقتصادية للدولة.

أما الشعب فقد تواءم قطاع منه مع أداء السلطة المباركية التى أفسحت المجال لوجود فاسدين صغار قادرين على توظيف الفساد كوسيلة لتعويض ضعف الدخل وعجز الدولة عن تطوير معيشتهم، إلا فى مشروعات البنية الأساسية، وأصبح لهذا القطاع من المواطنين دخلان: دخل حقيقى وآخر موازٍ، وكما تركت السلطة المواطن الفاسد فى حاله، ما لم يكتشف أمره، فقد تركها هذا النوع من المواطنين فى حالها أيضاً وشجعها على الاستمرار، لأنه كان مستفيداً، كما هى مستفيدة.

فى مقابل هذا القطاع ظهر قطاع ثانٍ من المواطنين لم تعجبه معادلة «افسد وعيش» ورأى فيها «إهداراً للكرامة» وضع ما شئت من خطوط تحت العبارة الأخيرة. رفض هذا القطاع أن يهدر المعلم كرامته أمام التلميذ وهو يقبض ثمن الدروس الخصوصية كى يعوّض ضعف مرتبه، والطبيب حين يهدر كرامته أمام شركات الأدوية، والمهندس حين يتفوق عليه المقاول والحاصلون على المؤهلات المتوسطة، والكنّاس فى الشارع حين يتسول، والمواطن ككل الذى يقبل ببيع صوته فى الانتخابات مقابل 50 جنيهاً أو زجاجة زيت، لأنه يعلم أن السلطة ستأتى بمن تريد، وأصحاب العلم والمعرفة الذين تحولوا إلى منافقين يبيعون حياء وجههم ويهدرون ما تعلموه من أجل نيل منصب، لأن النفاق وإظهار الولاء لأولى الأمر بات الطريق الوحيد للوصول، وفى الختام المواطن الذى يبرر فكرة توريث الحكم من منطلق إن «اللى نعرفه أحسن من اللى مانعرفوش»، وإن «اللى جاى موش هيبدأ رحلة النهب من جديد».. وغير ذلك من أقوال كانت تتردد فى الشارع قبل 25 يناير 2011.

هذا القطاع من المصريين رفض مبدأ أن يعيش «نملة عشان ياكل سكر» فنزل فى 25 يناير وثار لكرامته، واضطر «مبارك» إلى التخلى عن الحكم، لكنه وقف فى منتصف الطريق، فدهسته العربات!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«النملة» وصيحة الكرامة «النملة» وصيحة الكرامة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:05 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

نجوى فؤاد تكشف حقيقة اعتزالها الفن
  مصر اليوم - نجوى فؤاد تكشف حقيقة اعتزالها الفن

GMT 00:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الأمير ويليام يكشف عن أسوأ هدية اشتراها لكيت ميدلتون

GMT 22:40 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

وفاة مهندس في حادث تصادم بعد حفل خطوبته بساعات

GMT 13:19 2019 الأربعاء ,02 كانون الثاني / يناير

تعليق البرازيلي نيمار يثير غضب عشاق الأرجنتيني ليونيل ميسي

GMT 02:36 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

صبغات لتغطية الشعر الشايب وإبراز جمال لون البشرة

GMT 14:16 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

"فيرير" فيدر أفضل لاعب تنس في تاريخ اللعُبة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon