توقيت القاهرة المحلي 14:21:11 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«النملة».. وصيحة الكرامة

  مصر اليوم -

«النملة» وصيحة الكرامة

بقلم: د. محمود خليل

اتسم أداء الرئيس الراحل حسنى مبارك بدرجة واضحة من التوازن خلال الفترتين الأولى والثانية من حكمه (من 1981-1993)، وتمكن خلالهما من تبريد المشهد السياسى الساخن فى مصر بعد استشهاد الرئيس أنور السادات، وعبر بالبلاد أيضاً من أزمة اقتصادية عاتية استعرت منذ منتصف الثمانينات، وخدمه فى عبورها بعض الأحداث التى فاجأت المنطقة مثل الغزو العراقى للكويت، ثم حرب تحرير الكويت بمعرفة التحالف الدولى الذى قادته الولايات المتحدة الأمريكية.

ماء كثير بدأ يجرى فى نهر الحياة فى الحقبة المباركية منذ عام 1994، عندما بدأت أقدام السلطة تثبت على الأرض، وشرعت الحكومة فى بيع مشروعات القطاع العام، وتوسعت أدوار رجال الأعمال، وباتوا بمرور الوقت جزءاً من مركب السلطة السياسية فى مصر، بالإضافة إلى تبلور قوى الإسلام السياسى كأبرز القوى المعارضة على الساحة السياسية، وأصبحوا يشكلون جزءاً لا يتجزأ من النظام السياسى فى مصر.

مستجدات التسعينات أخذت تتدخل بمرور الوقت فى تشكيل معادلة الحقب التالية من فترة حكم مبارك، وعندما وصل قطار الزمن بالمصريين إلى العام 2005 كانت طبقة الحكم قد تبلورت فى شبكة من أبناء العائلات والساسة ورجال الأعمال، وتبلورت طبقة المعارضة فى جماعة الإخوان وبعض الأحزاب السياسية محدودة التأثير، والكل كان يعمل فى فلك السلطة.. السلطة كانت مطلقة فى يد الرئيس.. والسلطة المطلقة -كما يقولون- مفسدة مطلقة، كما أدى الزواج بين المال والسياسة إلى فساد أكبر وأخطر على المقدرات الاقتصادية للدولة.

أما الشعب فقد تواءم قطاع منه مع أداء السلطة المباركية التى أفسحت المجال لوجود فاسدين صغار قادرين على توظيف الفساد كوسيلة لتعويض ضعف الدخل وعجز الدولة عن تطوير معيشتهم، إلا فى مشروعات البنية الأساسية، وأصبح لهذا القطاع من المواطنين دخلان: دخل حقيقى وآخر موازٍ، وكما تركت السلطة المواطن الفاسد فى حاله، ما لم يكتشف أمره، فقد تركها هذا النوع من المواطنين فى حالها أيضاً وشجعها على الاستمرار، لأنه كان مستفيداً، كما هى مستفيدة.

فى مقابل هذا القطاع ظهر قطاع ثانٍ من المواطنين لم تعجبه معادلة «افسد وعيش» ورأى فيها «إهداراً للكرامة» وضع ما شئت من خطوط تحت العبارة الأخيرة. رفض هذا القطاع أن يهدر المعلم كرامته أمام التلميذ وهو يقبض ثمن الدروس الخصوصية كى يعوّض ضعف مرتبه، والطبيب حين يهدر كرامته أمام شركات الأدوية، والمهندس حين يتفوق عليه المقاول والحاصلون على المؤهلات المتوسطة، والكنّاس فى الشارع حين يتسول، والمواطن ككل الذى يقبل ببيع صوته فى الانتخابات مقابل 50 جنيهاً أو زجاجة زيت، لأنه يعلم أن السلطة ستأتى بمن تريد، وأصحاب العلم والمعرفة الذين تحولوا إلى منافقين يبيعون حياء وجههم ويهدرون ما تعلموه من أجل نيل منصب، لأن النفاق وإظهار الولاء لأولى الأمر بات الطريق الوحيد للوصول، وفى الختام المواطن الذى يبرر فكرة توريث الحكم من منطلق إن «اللى نعرفه أحسن من اللى مانعرفوش»، وإن «اللى جاى موش هيبدأ رحلة النهب من جديد».. وغير ذلك من أقوال كانت تتردد فى الشارع قبل 25 يناير 2011.

هذا القطاع من المصريين رفض مبدأ أن يعيش «نملة عشان ياكل سكر» فنزل فى 25 يناير وثار لكرامته، واضطر «مبارك» إلى التخلى عن الحكم، لكنه وقف فى منتصف الطريق، فدهسته العربات!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«النملة» وصيحة الكرامة «النملة» وصيحة الكرامة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon