توقيت القاهرة المحلي 00:40:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المرأة والدين

  مصر اليوم -

المرأة والدين

بقلم: د. محمود خليل

لا يستطيع أحد أن يقول إن الأديان ذكورية أو نسوية.. الأديان طبيعية، وخطابها للبشر هو فى الأول وفى الآخر خطاب عليم بأحوالهم، خطاب يحترم خصوصية كل من الرجل والمرأة وما تفرضه هذه الخصوصية من أدوار داخل المجتمع.

تجمع الأديان على أن للبشر أباً هو آدم، وأماً هى حواء، تعاونا منذ خروجهما من الجنة على إقامة الحياة على الأرض. التكليف الدينى موجه إلى كل من المرأة والرجل، وكذلك التكليف الدنيوى: «فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى». فثنائية النداء إلى آدم وحواء تتعلق بعدم الخضوع للشيطان، وتخصيص «آدم» بالشقاء لا يعنى أنه سيشقى فى الحياة وحده، بل ستشقى «حواء» معه أيضاً، فهو يعانى من أجل القوت، وهى تعانى فى مساعدته من أجل توفير الاحتياجات للأبناء، بالإضافة إلى النهوض بأعباء التربية والرعاية داخل البيت.

النبوة ذكورية.. فرحلة أنبياء الله على الأرض هى رحلة ذكورية بالأساس، كذلك اقتضت حكمة الخالق، وليس من حق المخلوق أن يجادل الله فى حكمه، ومثل من يتورط فى مناقشة هذا الأمر كمثل من يصفع رأسه فى الحائط وهو يسأل: لماذا يسيطر الذكور عبر التاريخ على حكم الأمم والشعوب؟.. النبوة ذكورية، لكن رسالة الأنبياء موجهة إلى كل من الرجل والمرأة.

القرآن الكريم قدّم المرأة -شأنها شأن الرجل- كنموذج على الكفر به جل وعلا فى أحوال، وكنموذج للإيمان الرفيع فى أحوال أخرى: «ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ، وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِى عِندَكَ بَيْتاً فِى الْجَنَّةِ وَنَجِّنِى مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِى مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ، وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِى أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ».

المرأة سر من أسرار حركة الأديان (إيماناً أو إنكاراً)، وكان دور المرأة خطيراً فى حياة أنبياء الديانات السماوية الثلاث، كذلك كان دور امرأة فرعون فى حياة موسى، ودور الصديقة مريم فى حياة المسيح، ودور خديجة بنت خويلد فى حياة النبى، عليه وعلى أنبياء الله الصلاة والسلام.

دور المرأة أيضاً وصل إلى منصة الحكم، كما حكى القرآن الكريم عن «بلقيس»، ملكة سبأ، التى أشار عليها الرجال فأخطأوا الرأى، بعدها خلصت هى إلى الرأى الأصوب. قال الرجال: «قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ». أما هى: «قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ» فصدّق الخالق العظيم على قولها: «وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ».

وقد يكون من المفيد أن نتذكر الدور الذى لعبته المرأة داخل المجتمع المكى فى عصر الرسول، صلى الله عليه وسلم، وما تلاه. كان فى المجتمع المكى سيدة أولى أو أكثر تلعب دوراً فى إشعال الصراع ضد الإسلام ونبيه، برز فى هذا السياق دور أم جميل بنت حرب، شقيقة أبى سفيان، وظهر دور هند بنت عتبة، زوجة الأخير، وظهر دور سيدات فضليات فى دعم النبى؛ مثل السيدة خديجة، رضى الله عنها، وسيدات الأنصار، ولعلك تذكر أيضاً الدور الذى لعبته السيدة عائشة، رضى الله عنها، فى الصراع الذى نشب بين المسلمين أواخر عصر عثمان، ثم على، رضى الله عنهما، والدور الذى لعبته السيدة زينب، حفيدة النبى، أثناء وبعد مأساة كربلاء، ودور سيدات بنى أمية خلال فترة حكم الأمويين، ثم سيدات الدولة العباسية، بالإضافة إلى الدور الذى لعبه الحريم داخل قصر السلطان العثمانى.

كيف يمكن أن يصف البعض الأديان بالذكورية، فى حين تمتعت المرأة فى ظلها بهذا القدر من الحضور؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المرأة والدين المرأة والدين



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon