توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المرأة والدين

  مصر اليوم -

المرأة والدين

بقلم: د. محمود خليل

لا يستطيع أحد أن يقول إن الأديان ذكورية أو نسوية.. الأديان طبيعية، وخطابها للبشر هو فى الأول وفى الآخر خطاب عليم بأحوالهم، خطاب يحترم خصوصية كل من الرجل والمرأة وما تفرضه هذه الخصوصية من أدوار داخل المجتمع.

تجمع الأديان على أن للبشر أباً هو آدم، وأماً هى حواء، تعاونا منذ خروجهما من الجنة على إقامة الحياة على الأرض. التكليف الدينى موجه إلى كل من المرأة والرجل، وكذلك التكليف الدنيوى: «فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى». فثنائية النداء إلى آدم وحواء تتعلق بعدم الخضوع للشيطان، وتخصيص «آدم» بالشقاء لا يعنى أنه سيشقى فى الحياة وحده، بل ستشقى «حواء» معه أيضاً، فهو يعانى من أجل القوت، وهى تعانى فى مساعدته من أجل توفير الاحتياجات للأبناء، بالإضافة إلى النهوض بأعباء التربية والرعاية داخل البيت.

النبوة ذكورية.. فرحلة أنبياء الله على الأرض هى رحلة ذكورية بالأساس، كذلك اقتضت حكمة الخالق، وليس من حق المخلوق أن يجادل الله فى حكمه، ومثل من يتورط فى مناقشة هذا الأمر كمثل من يصفع رأسه فى الحائط وهو يسأل: لماذا يسيطر الذكور عبر التاريخ على حكم الأمم والشعوب؟.. النبوة ذكورية، لكن رسالة الأنبياء موجهة إلى كل من الرجل والمرأة.

القرآن الكريم قدّم المرأة -شأنها شأن الرجل- كنموذج على الكفر به جل وعلا فى أحوال، وكنموذج للإيمان الرفيع فى أحوال أخرى: «ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ، وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِى عِندَكَ بَيْتاً فِى الْجَنَّةِ وَنَجِّنِى مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِى مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ، وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِى أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ».

المرأة سر من أسرار حركة الأديان (إيماناً أو إنكاراً)، وكان دور المرأة خطيراً فى حياة أنبياء الديانات السماوية الثلاث، كذلك كان دور امرأة فرعون فى حياة موسى، ودور الصديقة مريم فى حياة المسيح، ودور خديجة بنت خويلد فى حياة النبى، عليه وعلى أنبياء الله الصلاة والسلام.

دور المرأة أيضاً وصل إلى منصة الحكم، كما حكى القرآن الكريم عن «بلقيس»، ملكة سبأ، التى أشار عليها الرجال فأخطأوا الرأى، بعدها خلصت هى إلى الرأى الأصوب. قال الرجال: «قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ». أما هى: «قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ» فصدّق الخالق العظيم على قولها: «وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ».

وقد يكون من المفيد أن نتذكر الدور الذى لعبته المرأة داخل المجتمع المكى فى عصر الرسول، صلى الله عليه وسلم، وما تلاه. كان فى المجتمع المكى سيدة أولى أو أكثر تلعب دوراً فى إشعال الصراع ضد الإسلام ونبيه، برز فى هذا السياق دور أم جميل بنت حرب، شقيقة أبى سفيان، وظهر دور هند بنت عتبة، زوجة الأخير، وظهر دور سيدات فضليات فى دعم النبى؛ مثل السيدة خديجة، رضى الله عنها، وسيدات الأنصار، ولعلك تذكر أيضاً الدور الذى لعبته السيدة عائشة، رضى الله عنها، فى الصراع الذى نشب بين المسلمين أواخر عصر عثمان، ثم على، رضى الله عنهما، والدور الذى لعبته السيدة زينب، حفيدة النبى، أثناء وبعد مأساة كربلاء، ودور سيدات بنى أمية خلال فترة حكم الأمويين، ثم سيدات الدولة العباسية، بالإضافة إلى الدور الذى لعبه الحريم داخل قصر السلطان العثمانى.

كيف يمكن أن يصف البعض الأديان بالذكورية، فى حين تمتعت المرأة فى ظلها بهذا القدر من الحضور؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المرأة والدين المرأة والدين



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:45 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فجر السعيد تفتح النار على نهى نبيل بعد لقائها مع نوال

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 20:43 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يتحدث عن وراثة أبنائه جين الشعر الأحمر

GMT 20:11 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تكريم توم كروز بأعلى وسام مدني من البحرية الأميركية

GMT 09:56 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 12:18 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

الروح والحب والإخلاص " ربنا يسعدكم "

GMT 23:59 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا

GMT 18:11 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

3 تحديات تنتظر الزمالك قبل غلق الميركاتو الصيفي

GMT 07:33 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

"سيسيه يؤكد رفضت عروضا من أجل البقاء مع "الاتحاد

GMT 05:59 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

محمد النني يقترب من الدوري السعودي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon