توقيت القاهرة المحلي 16:35:32 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فتش عن الأخلاق

  مصر اليوم -

فتش عن الأخلاق

بقلم - د. محمود خليل

الأخلاق هى جوهر التماسك وأصل الانهيار داخل المجتمعات. فإذا حسنت عاش أفراد المجتمع مثل البنيان المرصوص، قادرين على الثبات مهما تراكمت عليهم عوامل الضعف والخور، وإذا ساءت اهتزت أركانهم مهما بدا عليهم من عناصر أو معطيات قوة.حين يواجه مجتمع متماسك أخلاقياً أزمة معينة فإنه ينتفع بها، ويجد أفراده فيها مناسبة ليمد كل فرد فيهم يده إلى الآخر، ويلتحم معه فى دفع الخطر عن المجموع، أما المجتمعات المهتزة أخلاقياً فإن أفرادها يجدون فى الأزمة فرصة يخرجون فيها مخالبهم لتنغرس فى لحم بعضهم البعض، وتمتد فيها أيديهم إلى «الهبش» من بعضهم البعض.ولو أنك حاولت التفتيش عن جوهر التماسك أو الاختلال فى الحائط الأخلاقى لأى مجتمع فسوف تجده محدداً فى ثنائية «الصدق/ الكذب».

فسيادة الصدق تعنى سيطرة الأخلاق وتماسك المجتمع، وانتشار الكذب يعنى انحسار المنسوب الأخلاقى واختلال أوضاعه.فى الحالات التى تلاحظ فيها اهتزاز حائط الأخلاق داخل أى مجتمع عليك أن تفتش عن الكذب، وستجد عنده تفسيراً لهذا الاهتزاز.. على سبيل المثال لو استرجعت الوصف الشهير الذى ظهر فى حياتنا 1967، فسوف تجد أن الأصل فيها كان «الكذب».فالكذب -قبل النكسة- زرع فى الناس الوهم، وعوّدهم على النظرة غير الواقعية إلى الأشخاص والأحداث من حولهم، ودفعهم إلى تبادل كؤوس الأمانى فيما بينهم، وكانت النتيجة أن أعطوا عقلهم «تعسيلة» نام فيها عن التحليل العاقل لما يتفاعل فى الواقع من حولهم، ثم استيقظ الجميع فجأة على النكسة، ووجدوا أنفسهم وجهاً لوجه مع المصيبة التى حلّت بهم، وأدركوا «الكذبة الكبرى» التى عاشوا عليها، فاختل توازنهم، وعلت أصواتهم بالسباب، وانطلقوا يخمشون أظافرهم فى رقاب بعضهم البعض، وباتوا يتعاركون لأتفه الأسباب.. وأوغلوا فى جلد ذواتهم ولعن أنفسهم.. واستباح القوى فيهم الضعيف.. وأخذ الضعيف يبحث عمن هو أضعف كى ينال منه.ظلت الأمور على هذا النحو حتى عشنا لحظة حقيقة واحدة على خط متصل من الكذب، وكان ذلك فى أكتوبر 1973، فامتدت الأيدى إلى بعضها البعض، وتشابكت من أجل الدفاع عن المجموع، وبات للكرامة قيمة وسعر لا يتردد أحد فى دفعه من أجل استردادها، حتى المجرمون المحترفون حينها عاشوا لحظة صدق مع النفس، فتوقفوا عن جرائمهم المعتادة من نصب وسطو وقتل وغير ذلك.إنه الفارق بين حالتين؛ حالة الكذب المتصل، وحالة الصدق اللحظى الذى يبرق كشعاع ضوء فى نهاية نفق مظلم ثم يختفى. واتصال حالة الكذب داخل أى مجتمع لا بد أن يحوله فى النهاية إلى صناعة ممأسسة، لها رعاتها ومخططوها ومحترفوها لتحقق ما تبتغيه من أهداف، والنتيجة المترتبة على انتشار «صناعة الكذب» تتمثل فى النحر المستمر لحائط الأخلاق داخل المجتمع، أما ثمن ذلك فيدفعه الجميع.. من شارك أو أحجم عن المشاركة فى حفلات «الكذب المصنوع» حين تبدأ المخالب فى الظهور، وتأتى لحظة مواجهة الوحش الذى تربى فى النفوس.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فتش عن الأخلاق فتش عن الأخلاق



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر

GMT 12:05 2020 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا عبر إنستجرام يبرز نجوم مصر محليا وقاريا

GMT 07:41 2020 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أسعار الفاكهة في مصر اليوم الخميس 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

GMT 01:42 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

بايرن ميونخ يعلن ضم موتينج ودوجلاس كوستا في أقل من نصف ساعة

GMT 22:56 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تسريب جديد للمُقاول الهارب محمد علي "يفضح" قطر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon