توقيت القاهرة المحلي 11:21:10 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المرأة والأصوات الزاعقة

  مصر اليوم -

المرأة والأصوات الزاعقة

بقلم: د. محمود خليل

لعلك تتابع الصوت العالى -الزاعق أحياناً- المدافع عن حقوق المرأة والمنادى بحمايتها من تغول المجتمع الذكورى عليها.. الدعوة إلى ما يوصف بـ«تمكين المرأة» مسألة قديمة متجدّدة، وتعود بجذورها إلى المؤتمر العالمى للمرأة فى بكين، الذى انعقد عام 1995، وأوصى بالمساواة الكاملة بين الرجل والمرأة، ومواجهة أى تمييز ضد المرأة، ومحاربة أى نوع من العنف الذى يمارس ضدها.

منذ ذلك الحين وهناك تفاعلات عدة يشهدها المجتمع المصرى، والكثير من المجتمعات العربية الأخرى، لإعادة النظر فى أوضاع المرأة ومنحها جميع حقوقها وعدم التمييز بينها وبين الرجل. بعض هذه التفاعلات أحياناً ما يأخذ شكلاً موضوعياً، حين ينصرف إلى حماية حقوق المرأة المطلقة والمرأة المعيلة والغارمة، وإقرار حق المرأة عموماً فى المشاركة المتساوية مع الرجل فى جميع المجالات، وحقها فى نيل ما تستحقه من مناصب دون تمييز وغير ذلك. وفى أحيان أخرى كانت التفاعلات تأخذ شكلاً زاعقاً، بالدعوة إلى المساواة بين الرجل والمرأة فى الميراث والشهادة، أو الدعوة إلى تمكين المرأة من قيد الأطفال باسمها (السنجل مازر).

المشكلة أن الصوت الزاعق يغلب -فى كثير من الأحيان- الصوت الموضوعى، فتضيع الحقوق المنطقية للمرأة فى زحمة اللغط الذى يثيره أصحاب الأصوات الزاعقة. فما أسهل أن يستنفر المجتمع ككل بمجرد سماع أحاديث عن المساواة بين الرجل والمرأة فى الميراث والشهادة، مع وجود نصوص قرآنية قاطعة الدلالة تؤكد غير ذلك، أو سماع أحاديث أخرى عن نسب الطفل إلى الأم فى تقليد لم تعرفه ثقافاتنا المحلية.

دعنى أضرب لك مثالاً توضيحياً على المعالجة الزاعقة من خلال موضوع «المرأة المطلقة»، التى يتفق الجميع على أنها تحتاج إلى أقصى درجات الدعم الاجتماعى، فى ظل حالات شاذة يحاول فيها الرجل التغول على مطلقته وحقها وحق أولادها. البعض يواجه مشكلات «المطلقة» عبر الهجوم على الفقهاء، أو الغمز واللمز فى تشريعات الأحوال الشخصية الإسلامية، وغير ذلك. هذه المنهجية تؤدى إلى استفزاز المجتمع فتزيد المشكلة تعقيداً فى الوقت الذى يزعم فيه أصحابها أنهم يستهدفون الحل.

أذكر أننى كتبت عن مقترح تقدم به الدكتور جابر جاد نصار يدعو فيه إلى تقييد الطلاق -فى حالة وجود أولاد- بوثيقة تسجّل بحضور الزوجين أمام المأذون أو القاضى أو الموثق تحفظ حقوق الطرفين وتحافظ على حقوق الأولاد (نفقتهم، تعليمهم، علاقتهم بوالديهم، وكل ما يرتبط بذلك)، على أن يكون للوثيقة قوة السند التنفيذى المباشر.

ففى حالات الطلاق غالباً ما يدفع الأطفال ثمن خلافات لا علاقة لهم بها. فكم من نزاعات تحدث بين أزواج الأمس بسبب الإنفاق على الأطفال، وعادة ما تنتقل فى مراحل مبكرة منها إلى ساحات القضاء لتزيد الأعباء على مؤسسة العدالة. فكل حادثة طلاق تحمل فى أحشائها قضية أو أكثر. فما المانع إذاً من هذا الحل العملى الذى يواجه المشكلة عند المنبع؟.

فى حدود علمى أن القانون يعطى للزوجة الحق فى أن تشترط على زوجها -فى وثيقة الزواج- ألا يخرجها من بلدها، أو أن يسكنها فى بلد معين، ومنع زوجها من السفر خارج البلاد إلا معها، ويجوز لها أيضاً أن تكتب ألا يمنعها من العمل أو الدراسة، بالإضافة إلى كتابة الضمانات التى تكفل لها حقوقها المالية. إذا كان ذلك يتم فى الزواج حماية لحق المرأة.

هناك فارق بين التناول الموضوعى للمشكلات الاجتماعية، والتناول الصحفى لها، بصورة تهدف إلى إحداث الإثارة أو الفرقعة الإعلامية التى لا يستفيد منها إلا صاحبها، لتزداد المشكلة تعقيداً بدلاً من أن تحل.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المرأة والأصوات الزاعقة المرأة والأصوات الزاعقة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 09:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
  مصر اليوم - ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ حماس

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 09:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
  مصر اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 05:09 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تعرف على أبرز وأهم اعترافات نجوم زمن الفن الجميل

GMT 15:04 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

طريقة إعداد فطيرة الدجاج بعجينة البف باستري

GMT 00:45 2024 الأربعاء ,07 آب / أغسطس

سعد لمجرد يوجه رسالة لـ عمرو أديب

GMT 11:04 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

منة فضالي جمهورها بمناسبة عيد الأضحى

GMT 20:31 2021 الثلاثاء ,01 حزيران / يونيو

وادي دجلة يكشف خطة الفريق للبقاء في الدوري الممتاز

GMT 09:26 2021 الأربعاء ,12 أيار / مايو

"الفيفا" يعلن مواعيد مباريات تصفيات كأس العرب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon