توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأخلاق وتدين السبعينات

  مصر اليوم -

الأخلاق وتدين السبعينات

بقلم :د. محمود خليل

العلاقة بين التدين والأخلاق علاقة أساسية.. ونظرياً كلما زاد مقدار التدين ارتفع منسوب الأخلاق الدافئة لدى الفرد.

تحث كل الأديان على الأخلاق، فالقرآن الكريم منح الأخلاق مساحة كبيرة من الاهتمام، وفصّل فى مبحثها -فى بعض الأحوال- أكثر مما فصل فى شرح بعض العبادات، فتجد على سبيل المثال أن الله تعالى لم يفصل لنا هيئة الصلاة، ولا عدد الصلوات، ولا عدد ركعاتها، بل اكتفى بتوجيه المؤمنين إلى إقامتها والمحافظة عليها فى مواقيتها، وشرح النبى -صلى الله عليه وسلم- كل هذه التفاصيل: «صلوا كما رأيتمونى أصلى»، فى المقابل نجد القرآن الكريم يحدد بالتفصيل الجانب الأخلاقى المتعلق بالمواقيت والآداب التى يتوجب على الصغار والخدم مراعاتها عند الدخول على أهل البيت، مما يمنحك مؤشراً على فرط اهتمام القرآن الكريم بالأخلاق من منظور أنها تشكل عموداً أساسياً من الأعمدة التى يرتكز عليها الإسلام.

بإمكانك أيضاً أن تقرأ موعظة الجبل فى الإنجيل، وتتعرف على الأخلاق الرفيعة التى حث عليها المسيح -عليه السلام- أتباعه، فلا رياء ولا افتراء على خلق الله، وتواضع للناس، وتحمّل لأذاهم.

إذا كانت تلك هى حال الأديان، فليست هذه بحال المتدينين. فالتدين لا يعنى الأخلاق فى كل الأحوال، فمن بين المتدينين من هو فاقد للخلق، وإلا فسّر لى التناقض بين ما يشتهر به شعبنا من تدين فى وقت تعانى فيه نسبة منه من أزمة أخلاق.

لا أجد تفسيراً لحالة التناقض تلك بين التدين وغياب الأخلاق إلا فى نوعية التدين التى ظهرت بين جنبات المجتمع المصرى أواخر السبعينات، حين أطلق الرئيس السادات العنان للتيارات الإسلامية.

التدين الذى انطلق فوق أرض المحروسة خلال هذه الفترة كان تديناً على مستوى المظهر أكثر من الجوهر، تدين السبعينات كان لحية وجلباباً وسواكاً ومصحفاً صغيراً يوضع فى الجيب، كان يصح أن تجد من بين أفراد هذا التيار من يتمثل الأخلاق فى سلوكياته وتعاملاته، فالتعميم ظلم، لكن يبقى أن أغلب هؤلاء كانوا يبالغون فى تبيان خلقهم القويم كنوع من الدعوة وكأداة لتجنيد المزيد من الأتباع داخل التيار.

التدين المنطلق من فهم حقيقى لجوهر الإسلام لا ينظر إلى الأخلاق كمظاهر «إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم»، بل يعتبرها عبادة وأداة للتقرب إلى الخالق العظيم وليس إلى مخلوقات الله.

الأخلاق المرتكزة على تدين حقيقى يتحرك صاحبها بوعى أنه يمتثل للحسن والطيب من السلوكيات إرضاء لله الذى أمر الناس بحسن الخلق، لأن فى ذلك صلاح الحياة، ولأن جوهر الفساد فيها هو فساد الخلق: «وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِى خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً».

التدين الحقيقى المرتكن إلى الجوهر هو وحده القادر على إصلاح أخلاق الناس.. يقول الله تعالى: «ادْفَعْ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِىٌّ حَمِيمٌ».

لذلك تجد أن التدين الظاهرى الذى انطلق فى المجتمع المصرى منذ السبعينات وتواصل حتى الآن، بما صحبه من أخلاقيات مدفوعة بالغرض، كان من ضمن العوامل -وليس العامل الوحيد بالطبع- المفسرة لما أصاب قطاعاً من المصريين على هذا المستوى.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأخلاق وتدين السبعينات الأخلاق وتدين السبعينات



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon