توقيت القاهرة المحلي 12:57:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأخلاق وتدين السبعينات

  مصر اليوم -

الأخلاق وتدين السبعينات

بقلم :د. محمود خليل

العلاقة بين التدين والأخلاق علاقة أساسية.. ونظرياً كلما زاد مقدار التدين ارتفع منسوب الأخلاق الدافئة لدى الفرد.

تحث كل الأديان على الأخلاق، فالقرآن الكريم منح الأخلاق مساحة كبيرة من الاهتمام، وفصّل فى مبحثها -فى بعض الأحوال- أكثر مما فصل فى شرح بعض العبادات، فتجد على سبيل المثال أن الله تعالى لم يفصل لنا هيئة الصلاة، ولا عدد الصلوات، ولا عدد ركعاتها، بل اكتفى بتوجيه المؤمنين إلى إقامتها والمحافظة عليها فى مواقيتها، وشرح النبى -صلى الله عليه وسلم- كل هذه التفاصيل: «صلوا كما رأيتمونى أصلى»، فى المقابل نجد القرآن الكريم يحدد بالتفصيل الجانب الأخلاقى المتعلق بالمواقيت والآداب التى يتوجب على الصغار والخدم مراعاتها عند الدخول على أهل البيت، مما يمنحك مؤشراً على فرط اهتمام القرآن الكريم بالأخلاق من منظور أنها تشكل عموداً أساسياً من الأعمدة التى يرتكز عليها الإسلام.

بإمكانك أيضاً أن تقرأ موعظة الجبل فى الإنجيل، وتتعرف على الأخلاق الرفيعة التى حث عليها المسيح -عليه السلام- أتباعه، فلا رياء ولا افتراء على خلق الله، وتواضع للناس، وتحمّل لأذاهم.

إذا كانت تلك هى حال الأديان، فليست هذه بحال المتدينين. فالتدين لا يعنى الأخلاق فى كل الأحوال، فمن بين المتدينين من هو فاقد للخلق، وإلا فسّر لى التناقض بين ما يشتهر به شعبنا من تدين فى وقت تعانى فيه نسبة منه من أزمة أخلاق.

لا أجد تفسيراً لحالة التناقض تلك بين التدين وغياب الأخلاق إلا فى نوعية التدين التى ظهرت بين جنبات المجتمع المصرى أواخر السبعينات، حين أطلق الرئيس السادات العنان للتيارات الإسلامية.

التدين الذى انطلق فوق أرض المحروسة خلال هذه الفترة كان تديناً على مستوى المظهر أكثر من الجوهر، تدين السبعينات كان لحية وجلباباً وسواكاً ومصحفاً صغيراً يوضع فى الجيب، كان يصح أن تجد من بين أفراد هذا التيار من يتمثل الأخلاق فى سلوكياته وتعاملاته، فالتعميم ظلم، لكن يبقى أن أغلب هؤلاء كانوا يبالغون فى تبيان خلقهم القويم كنوع من الدعوة وكأداة لتجنيد المزيد من الأتباع داخل التيار.

التدين المنطلق من فهم حقيقى لجوهر الإسلام لا ينظر إلى الأخلاق كمظاهر «إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم»، بل يعتبرها عبادة وأداة للتقرب إلى الخالق العظيم وليس إلى مخلوقات الله.

الأخلاق المرتكزة على تدين حقيقى يتحرك صاحبها بوعى أنه يمتثل للحسن والطيب من السلوكيات إرضاء لله الذى أمر الناس بحسن الخلق، لأن فى ذلك صلاح الحياة، ولأن جوهر الفساد فيها هو فساد الخلق: «وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِى خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً».

التدين الحقيقى المرتكن إلى الجوهر هو وحده القادر على إصلاح أخلاق الناس.. يقول الله تعالى: «ادْفَعْ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِىٌّ حَمِيمٌ».

لذلك تجد أن التدين الظاهرى الذى انطلق فى المجتمع المصرى منذ السبعينات وتواصل حتى الآن، بما صحبه من أخلاقيات مدفوعة بالغرض، كان من ضمن العوامل -وليس العامل الوحيد بالطبع- المفسرة لما أصاب قطاعاً من المصريين على هذا المستوى.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأخلاق وتدين السبعينات الأخلاق وتدين السبعينات



GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 01:43 2022 الثلاثاء ,14 حزيران / يونيو

ياسمين صبري تزداد أناقة بإطلالات فخمة وراقية

GMT 21:09 2021 الجمعة ,23 إبريل / نيسان

"وحيد القرن" أصغر ثقب أسود قريب من الأرض

GMT 19:35 2021 الثلاثاء ,23 آذار/ مارس

بورصة بيروت تغلق التعاملات على ارتفاع

GMT 05:47 2021 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

تعرف على رسالة ياسر فرج الأخيرة لزوجته قبل وفاتها

GMT 15:13 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أتلتيكو مدريد يصنع التاريخ بالأرقام في الدوري الإسباني

GMT 21:10 2020 الأحد ,27 كانون الأول / ديسمبر

بايرن ميونخ أفضل فريق في 2020 ضمن جوائز "غلوب سوكر"

GMT 13:03 2020 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

طبيب يكشف عن والد طفل عروس بنها في حال حملها
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon