توقيت القاهرة المحلي 20:16:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الغالب والمغلوب

  مصر اليوم -

الغالب والمغلوب

بقلم :د. محمود خليل

لم تعرف التجربة الإسلامية عبر تاريخها الممتد فكرة الحكم المؤسَّس على مبدأ اختيار الشعب لمن يحكمه، بل كان الحكم دائماً بالغلبة.

بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم، وفى سقيفة بنى ساعدة، اشتد الخلاف بين المهاجرين والأنصار، فأشهرت السيوف وكادت تقع فتنة كبرى بين المهاجرين والأنصار، لولا أن الفريق الأول حسم الأمر لصالحه، فى اللحظة التى كان عمر بن الخطاب يشهر فيها السيف.

بالغلبة تمكن «أبوبكر» ثم «عمر» ثم «عثمان» ثم «علىّ» من حكم الأمة خلال فترة الخلافة الراشدة. وبالغلبة أيضاً تمكن معاوية بن أبى سفيان من الوثوب إلى حكم المسلمين، وبالسيف أملى على المسلمين نقل الحكم من بعده إلى ولده «يزيد».

وبالغلبة زال ملك بنى أمية حين أعمل بنو العباس السيف فيهم، ثم كانت الغلبة للتتار، ومن بينهم ملوك أشهروا إسلامهم، بعدهم غلب الترك بالسيف، وتمكنوا من إقامة إمبراطورية ظلت تسيطر على العالم الإسلامى حتى الحرب العالمية الأولى.

لم يكن المسلمون وحدهم هكذا، ففكرة الإمبراطورية كانت تسيطر على العالم ككل. والجميع كان يلتمس الوسيلة الأسهل والأنجح للسيطرة، والمتمثلة فى امتلاك أدوات القوة والغلبة.. كان عصر قوة بامتياز.

الاحتكام إلى مبدأ الغلبة فى الحكم أدى إلى دفع أى مناوئ أو رافض للحكم إلى الاعتماد على الوسيلة نفسها فى مواجهة الحاكم، لذلك يزخر التاريخ الإسلامى بالعديد من حوادث الاغتيال السياسى.

اغتيل عمر بن الخطاب، ومن بعده قُتل عثمان بن عفان، ثم على بن أبى طالب، ولو تتبعت نهايات خلفاء بنى أمية فستجد أن عدداً منهم انتهت حياته بالقتل أو بالغرق أو بالسم، وقِس على ذلك نهايات الحكام العباسيين ثم التُّرك.

الشخصية الوحيدة التى حاولت أن تلقى بحجر فى ماء السياسة الراكد فى التاريخ الإسلامى، تمثلت فى عمر بن عبدالعزيز، حين أعلن بعد لحظة من صعوده إلى سدة الخلافة ترك الحكم، وقال للناس: «اختاروا لأنفسكم»، فاختاروه.

فى هذا السياق نستطيع أن نفهم رد عمر بن عبدالعزيز على «الخوارج» حين أجاب عن سؤالهم حول الطريقة التى وصل بها للحكم وهل كانت برضا الناس أم بالضغط والابتزاز، فأجابهم: «ما سألتهم الولاية ولا غلبتهم عليها».

كان فريق الخوارج يمثل أكبر الأحزاب المناوئة للحكام منذ على بن أبى طالب وخلال فترتى الحكم الأموى والعباسى، واعتمدوا هم الآخرون على فكرة الغلبة بالسيف، أراد عمر بن عبدالعزيز الحوار معهم، فى تجربة غير مسبوقة يقوم بها خليفة مسلم، لكن الخوارج وضعوه فى زاوية صعبة حين طلبوا منه أن يتبرأ ممن سبقوه من حكام بنى أمية، وكان الرجل يفهم أن التبرؤ منهم له خطره، ما دفعه إلى رفض ذلك، لكنه حاول الإصلاح بطريقته الخاصة.

اتجه عمر بن عبدالعزيز إلى خلع ولى عهده يزيد بن الوليد، بسبب ما يعلمه عنه من ظلم، ورغبة منه فى عدم فرض وريث حكم لا يرضاه المسلمون، فما كان من أسرة الحكم الأموى إلا أن دسوا عليه من سقاه سماً مات بعد ثلاثة أيام من تجرعه.

لم يمت عمر بن العزيز بسيوف معارضيه بل بأيدى أسرة الحكم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الغالب والمغلوب الغالب والمغلوب



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 19:55 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025
  مصر اليوم - أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 00:03 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 13:37 2020 الأحد ,24 أيار / مايو

الفيفا يهدد الرجاء المغربي بعقوبة قاسية

GMT 12:48 2020 الثلاثاء ,19 أيار / مايو

أسعار الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 19 مايو
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon