توقيت القاهرة المحلي 20:32:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الغالب والمغلوب

  مصر اليوم -

الغالب والمغلوب

بقلم :د. محمود خليل

لم تعرف التجربة الإسلامية عبر تاريخها الممتد فكرة الحكم المؤسَّس على مبدأ اختيار الشعب لمن يحكمه، بل كان الحكم دائماً بالغلبة.

بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم، وفى سقيفة بنى ساعدة، اشتد الخلاف بين المهاجرين والأنصار، فأشهرت السيوف وكادت تقع فتنة كبرى بين المهاجرين والأنصار، لولا أن الفريق الأول حسم الأمر لصالحه، فى اللحظة التى كان عمر بن الخطاب يشهر فيها السيف.

بالغلبة تمكن «أبوبكر» ثم «عمر» ثم «عثمان» ثم «علىّ» من حكم الأمة خلال فترة الخلافة الراشدة. وبالغلبة أيضاً تمكن معاوية بن أبى سفيان من الوثوب إلى حكم المسلمين، وبالسيف أملى على المسلمين نقل الحكم من بعده إلى ولده «يزيد».

وبالغلبة زال ملك بنى أمية حين أعمل بنو العباس السيف فيهم، ثم كانت الغلبة للتتار، ومن بينهم ملوك أشهروا إسلامهم، بعدهم غلب الترك بالسيف، وتمكنوا من إقامة إمبراطورية ظلت تسيطر على العالم الإسلامى حتى الحرب العالمية الأولى.

لم يكن المسلمون وحدهم هكذا، ففكرة الإمبراطورية كانت تسيطر على العالم ككل. والجميع كان يلتمس الوسيلة الأسهل والأنجح للسيطرة، والمتمثلة فى امتلاك أدوات القوة والغلبة.. كان عصر قوة بامتياز.

الاحتكام إلى مبدأ الغلبة فى الحكم أدى إلى دفع أى مناوئ أو رافض للحكم إلى الاعتماد على الوسيلة نفسها فى مواجهة الحاكم، لذلك يزخر التاريخ الإسلامى بالعديد من حوادث الاغتيال السياسى.

اغتيل عمر بن الخطاب، ومن بعده قُتل عثمان بن عفان، ثم على بن أبى طالب، ولو تتبعت نهايات خلفاء بنى أمية فستجد أن عدداً منهم انتهت حياته بالقتل أو بالغرق أو بالسم، وقِس على ذلك نهايات الحكام العباسيين ثم التُّرك.

الشخصية الوحيدة التى حاولت أن تلقى بحجر فى ماء السياسة الراكد فى التاريخ الإسلامى، تمثلت فى عمر بن عبدالعزيز، حين أعلن بعد لحظة من صعوده إلى سدة الخلافة ترك الحكم، وقال للناس: «اختاروا لأنفسكم»، فاختاروه.

فى هذا السياق نستطيع أن نفهم رد عمر بن عبدالعزيز على «الخوارج» حين أجاب عن سؤالهم حول الطريقة التى وصل بها للحكم وهل كانت برضا الناس أم بالضغط والابتزاز، فأجابهم: «ما سألتهم الولاية ولا غلبتهم عليها».

كان فريق الخوارج يمثل أكبر الأحزاب المناوئة للحكام منذ على بن أبى طالب وخلال فترتى الحكم الأموى والعباسى، واعتمدوا هم الآخرون على فكرة الغلبة بالسيف، أراد عمر بن عبدالعزيز الحوار معهم، فى تجربة غير مسبوقة يقوم بها خليفة مسلم، لكن الخوارج وضعوه فى زاوية صعبة حين طلبوا منه أن يتبرأ ممن سبقوه من حكام بنى أمية، وكان الرجل يفهم أن التبرؤ منهم له خطره، ما دفعه إلى رفض ذلك، لكنه حاول الإصلاح بطريقته الخاصة.

اتجه عمر بن عبدالعزيز إلى خلع ولى عهده يزيد بن الوليد، بسبب ما يعلمه عنه من ظلم، ورغبة منه فى عدم فرض وريث حكم لا يرضاه المسلمون، فما كان من أسرة الحكم الأموى إلا أن دسوا عليه من سقاه سماً مات بعد ثلاثة أيام من تجرعه.

لم يمت عمر بن العزيز بسيوف معارضيه بل بأيدى أسرة الحكم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الغالب والمغلوب الغالب والمغلوب



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon