توقيت القاهرة المحلي 18:52:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الآثار.. و«الشرعنة الزائفة»

  مصر اليوم -

الآثار و«الشرعنة الزائفة»

بقلم: د. محمود خليل

هذه الفكرة بحاجة إلى التذكير بها وتتعلق باتجاه بعض الأفراد إلى شرعنة مسألة النّبش عن الآثار، وإضفاء وجه دينى شديد العجب على عملية الاستيلاء عليها.

يحكى «المقريزى» فى خططه أن المصريين مولعون بالتفتيش عما تركه الفراعنة من ذخائر ونفائس وذهب وجواهر، والاستيلاء عليها واعتبارها «ورثة» تركها الأجداد. ولست أستطيع أن أُحدّد بشكل قاطع هل هذه المسألة كانت معروفة قبل الفتح الإسلامى لمصر أم لا؟ لكن «المقريزى» يؤرّخ لها بالفترات التى لحقت فتح المسلمين لمصر، ويبدأ طرحه للمسألة بتبرير شرعى، إذ يذكر أن الأصل فى جواز تتبّع الدفائن ما رواه أبوعمرو بن عبدالبر والبيهقى فى الدلائل من حديث ابن عباس‏، أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لما انصرف من الطائف مرّ بقبر أبى رغال، فقال‏: ‏ هذا قبر أبى رغال، وهو أبوثقيف، كان إذا هلك قوم صاح فى الحرم، فلما خرج من الحرم رماه الله بقارعة، وآية ذلك أنه دفن معه عمود من ذهب، فابتدر المسلمون قبره فنبشوه واستخرجوا العمود منه‏.‏

كلام «المقريزى» واضح فى جواز البحث عن الدفائن واستخراجها والاستيلاء عليها، وهو يذكر أن أحمد بن طولون أسس دولته، معتمداً على خبيئة عثر عليها، ويحكى أن ابن طولون ركب يوماً إلى الأهرام، فأتاه الحجاب بقوم عليهم ثياب صوف ومعهم المعاول، فسألهم عما يعملون، فقالوا‏: نحن قوم نطلب المطالب، فقال لهم‏: لا تخرجوا بعدها إلا بمشورتى أو رجل من قبلى، وأخبروه أنّ فى الأهرام مطلباً قد عجزوا عنه، فتقدّم إلى عامل الجيزة فى إعانتهم بالرجال والنفقات وانصرف، فأقاموا مدة يعملون حتى ظهر، فكشفوا عن حوض مملوء دنانير.

وقد كان من الطبيعى أن يستولى ابن طولون على الكنز، ويعتبره حقاً مشروعاً لنفسه كأمير للبلاد، وكل ما حاول أن يفعله أن طلب من «الحفارة» ألا يتحرّكوا للبحث عن الدفائن إلا بإذنه، ليعطيهم بعد ذلك جزاء جهدهم، ويستولى على بقية ما وجدوه.

هذه الخصلة أو السمة ما زالت تشكل صفة من صفات بعض المصريين حتى الآن، ولعلك سمعت عن تلك القرى التى لا يوجد بيت من بيوتها إلا وأعملت فيه المعاول عملها، وتم حفر أرضيته، بحثاً عن خبيئة تركها الفراعنة، وهناك من يجد، وهناك من يفشل، ولا يرى كثيرون أن فى الأمر أى إثم من الناحية الدينية، بل لقد سمعت بعضهم يقول إن البحث عن الدفائن يُعد تحقيقاً لآية من آيات الله، بمساعدة الأرض على إخراج أثقالها، ويستدلون على ذلك استدلالاً عجيباً بالآية الكريمة التى تقول: «إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا».

ولو أنك استمعت إلى الصورة الغنائية البديعة التى نسجها الراحل عبدالفتاح مصطفى بعنوان «عوف الأصيل»، ستجد أنه مما جاء فى واحدة من أغانى الصورة: «فرغنا الدرر وكنوز عشتروت.. من قلب الحجر.. من جوف التابوت»، والمعنى واضح ودال بشكل صريح على ما يفعله «الحفارة» الباحثون عن كنوز الأجداد، ولا يجدون أى غضاضة دينية أو أخلاقية فى الأمر.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الآثار و«الشرعنة الزائفة» الآثار و«الشرعنة الزائفة»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
  مصر اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 17:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين
  مصر اليوم - الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon