توقيت القاهرة المحلي 14:39:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

علاء الدين

  مصر اليوم -

علاء الدين

بقلم: د. محمود خليل

الصبر على المقدور جزء من تركيبة الشخصية المصرية، وفى المجمل العام يظل الصبر على ضغوط الحياة جزءاً من المركب الإنسانى للبشر جميعهم، يمكنهم من مواصلة الحياة.

الصبر على ما يرتبط بالسعى على الرزق من معاناة مسألة لازمة لأى إنسان، مصرياً كان أو غير مصرى، لكن ثمة نوعاً آخر من الصبر وجد المصرى نفسه فى حاجة إليه عبر فترات مختلفة من تاريخه هو الصبر على الإهدار.

وللإهدار أشكال مختلفة، منها مثلاً خلط لقمة العيش بنوع من الإهانة، وهذه المسألة قديمة لدينا، وبإمكانك أن تجد شرحاً لها فى ما قدمه «دى شابرول» فى كتاب «وصف مصر»، الذى أبدعه علماء الحملة الفرنسية، وهو يصف أحوال الفلاح المصرى الذى يعمل تحت حرارة الشمس الملتهبة بصبر ودأب، ثم يأتى الملتزم ويجنى القسم الأكبر من ثمرة تعبه بالقهر والضغط والمطاردة.

من بين أشكال الإهدار أيضاً الإحساس بأن العائد لا يتناسب مع الجهد، فيجد الإنسان نفسه يبذل جهداً كبيراً فى عمل أو مهمة معينة، ثم تأتى النتائج غير متّسقة مع منسوب الجهد، ويترسّخ إحساس الفرد بالإهدار فى هذه الحالة عندما يجد غيره يبذل مجهوداً أقل، أو لا يبذل مجهوداً على الإطلاق وتواتيه النتائج رغم ذلك.

وبسبب التاريخ الطويل من الإهدار الذى عاشه المصريون على مدار قرون، تولد لديهم إحساس زائف بأن السعى لا يُجدى، وأن قيراط حظ خير من فدان شطارة، وأن للإنسان أن يصمت حتى تأتيه لحظة سعد يجد فيها مصباح علاء الدين، فيفركه ليظهر له الخادم ويغرد له بالقول: «شبيك لبيك.. عبدك بين إيديك» ويحقق له الآمال والأمانى.

فى فترة من الفترات ظهر لدى قطاع من المصريين غرام خاص بالانخراط فى المسابقات الإعلانية التى كانت تروج بها الشركات لمنتجاتها، بدءاً من ألبوم الصور الذى يفوز من يجمعه بثلاجة أو غسالة، وانتهاءً بإعلانات «الريان» التى تختبر المعلومات القرآنية ليفوز من تثبت جدارته بألف جنيه أو ألفين من الجنيهات يومياً.

أحدث هذا النوع من الإعلانات جواً كبيراً خلال سنوات متصلة، لكنها بدأت تتراجع لحساب أساليب أخرى تتواءم مع الوسائل الجديدة التى أوجدتها شبكة الإنترنت وقدّمت من خلالها صوراً جديدة أو تجليات معاصرة لمصباح علاء الدين الذى يحقق الحلم فى خبطة حظ.

كثيرون ما زال يقبع فى مخيلتهم «مصباح علاء الدين»، بما فى ذلك بعض الشباب الذين يستقبلون الحياة بعقيدة الانتظار حتى يصل عقلهم إلى «فكرة مطرقعة» يستطيعون من خلالها جمع الملايين، ولا يفرق هؤلاء بين «التنبلة» كوسيلة لا تُجدى للوصول إلى فكرة، والسعى والدأب والمراكمة كطريق موضوعى وحيد لتوليد الأفكار. التنبلة إذا نفعت تولد أفكاراً مصدرها حظائر البط، وهى فى مرحلة تالية تغرى المزيد من التنابلة إلى البحث عن أفكار شبيهة، حتى لو تمثلت فى «التنبلة على سرير أمام إحدى المدارس»!.

الشباب مطالب بتغيير أسلوب تفكيره، وعلى الكبار أن يهيئوا له الظروف التى توفر مساحة أكبر من الفرص، ودرجة أكبر من تكافؤ الفرص، ومنسوباً أكبر من العدل.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

علاء الدين علاء الدين



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon