توقيت القاهرة المحلي 14:42:23 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«وندبحك يا شيخ سيد»

  مصر اليوم -

«وندبحك يا شيخ سيد»

بقلم: د. محمود خليل

يحفظ العديد من الأجيال الأغنية التى رددها الأطفال زمان وهم يزفون «خروفاً» اشترته إحدى الأسر للتضحية به بعد صلاة عيد الأضحى. كانوا يسيرون فى مواكب وينشدون: «بكرة العيد ونعيّد.. وندبحك يا شيخ سيد.. ونحطك فى الأروانة.. ونضربك بالخرزانة».. ربما بعض الأطفال فى الأحياء الشعبية يرددون هذه الأنشودة حتى الآن.

قدمت جماعة الإخوان تفسيراً عجيباً لظهور هذه الأنشودة على ألسنة المصريين خلال فترة الستينات، ذهبت فيه إلى أنها اخُترعت اختراعاً قبل إعدام الأستاذ سيد قطب بهدف السخرية، والحقيقة أن هذا الكلام من السذاجة بحيث لا يصمد أمام أى تحليل متأنٍّ، لأن حكم الإعدام تم تنفيذه فى «سيد قطب» -رحمه الله- يوم الاثنين 29 أغسطس 1966 الموافق لـ13 جمادى الأولى 1386 هجرية، ووقتها كان عيد الأضحى على مبعدة ما يقرب من 7 أشهر بتوقيت من عاصروا هذا الحدث. ولو أنك استرجعت فيلم «حياة أو موت» -تدور أحداثه قبل ساعات من عيد الأضحى- فسوف تجد الطفلة الصغيرة الجميلة تمتطى ظهر أبيها وهو يمثل دور «خروف» يعلو صوته بالمأمأة، وهى تقول له «اسكت يا سعد.. اسمع يا سعد.. أنا هقولك كلمة بس ما تمأمأش». وفيلم «حياة أو موت» من إنتاج عام 1954 أى قبل واقعة إعدام سيد قطب بـ12 عاماً.

إطلاق أسماء على الأضاحى عادة مصرية قديمة، فالأطفال كانوا يحبون إطلاق أسماء معينة على خروف العيد، منها سعد أو سعيد أو سيد أو غير ذلك، تماماً مثلما يطلقون الأسماء حالياً على كل ما يقتنون من حيوانات أليفة داخل البيوت: قطط وكلاب وغيرها. وكلمة شيخ التى تسبق اسم الخروف ما هى إلا محاولة لإبراز الوجه الدينى للشعيرة. ولست أجد أية مشكلة فى ذلك، فالتضحية بما أحله الله تعالى من أضاحٍ تمثل استعادة لطقس شديد القدم كان البشر يقدمون فيه قرابين لله تعالى حتى يرضى عنهم. فكرة القربان تجدها حاضرة فى الآية القرآنية الكريمة التى تقول: «واتلُ عليهم نبأ ابنَى آدمَ بالحق إذ قرّبا قرباناً فتُقبل من أحدهما ولم يُتقبل من الآخر»، وكان قربان هابيل خروفاً أو شاة أو شيئاً من هذا القبيل (العهدة فى ذلك على المفسرين).

فكرة الفداء أو «الفدو» -كما يردد اللسان المصرى- لها أبعادها الدينية، بل والشعبية أيضاً. فقد افتدى الخالق العظيم نبيه إسماعيل من الهلاك على يد أبيه إبراهيم بذبح عظيم: «وفديناه بذبح عظيم»، والمسيح يوصف بأنه «حمَل الله». وفى كل الأحوال تبقى فكرة التضحية مرتبطة بمفهوم الفداء (افتداء الإنسان) من أجل خلاصه من الذنوب والخطايا.

الحس الشعبى المصرى يستوعب هذه المسألة جيداً، وانطلاقاً من ذلك سعى إلى إضفاء نوع من التبجيل على الخروف، فأطلق عليه أسماء من يحب، أو أسماء دالة على الفرحة والابتهاج بالحياة (سعد أو سعيد)، كما اهتم بإبراز الوجه الدينى للشعيرة من خلال اللقب الذى منحه للأضحية.

إنها البصمة المصرية الصميمة التى تجدها حاضرة فى الطريقة الخاصة التى يحول بها هذا الشعب طقوس الدين إلى مباهج حياة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«وندبحك يا شيخ سيد» «وندبحك يا شيخ سيد»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 09:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
  مصر اليوم - ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ حماس

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 09:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
  مصر اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:57 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يصبح أول رئيس أميركي يبلغ 82 عاماً وهو في السلطة

GMT 02:39 2019 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

رانيا محمود ياسين توضح قطع علاقتها بالبرامج التليفزيونية

GMT 09:28 2021 الأربعاء ,11 آب / أغسطس

المصري يعلن انتقال أحمد جمعة إلى إنبي

GMT 02:20 2019 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

إيمي سمير غانم تكشف عن خلاف حاد مع زوجها تحول إلى نوبة ضحك

GMT 12:25 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

طريقة عمل أصابع الجبنة بالثوم

GMT 11:17 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

محمد صلاح يتخذ أولى خطوات الرحيل عن ليفربول

GMT 02:40 2020 الثلاثاء ,23 حزيران / يونيو

تفاصيل إصابة ابن ماما سناء بفيروس "كورونا"

GMT 01:56 2020 الإثنين ,22 حزيران / يونيو

طريقة عمل البوريك التركي بأقل التكاليف

GMT 21:12 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

إليسا تروج لحفلها اليوم في بث مباشر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon