توقيت القاهرة المحلي 08:53:10 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اصطياد «الديك الرومى»

  مصر اليوم -

اصطياد «الديك الرومى»

بقلم: د. محمود خليل

تكرار المقدمات يؤدى فى الأغلب إلى تكرار النتائج. فالتلميذ المهمل فى دروسه يفشل فى الامتحان، وإذا قدم الإهمال وهو يعيد السنة فسيكون الفشل مصيره للمرة الثانية.. وهكذا.

مسألة «التعلم من التجارب» تعنى ببساطة أن يتوقف الفرد مع نفسه ويسأل: ما الأسباب التى أدت إلى الفشل؟ وعليه بعد أن يدركها أن يتجنبها، ولا نجاح له إلا إذا فعل ذلك، أما أن يقع فيها مرة ثانية فذلك يعنى أنه لم يتعلم شيئاً من تجاربه.

هذه حقيقة بسيطة ندركها جميعاً، ويتفق أغلبنا عليها، لكن ما أكثر ما ينسى الإنسان بديهيات الحياة وهو يسير فى دروبها ويؤدى فيها.

خلال العدوان الثلاثى على مصر عام 1956 أدينا بطريقة تسببت فى احتلال سيناء من جانب العدو الصهيونى، وبعد انتهاء الحرب انسحبت إسرائيل منها، وفى عام 1967 كررت إسرائيل الخطة نفسها فى السيطرة على سيناء، وهى خطة اصطياد الديك الرومى، فتكررت النتيجة واحتلت سيناء من جديد وظلت كذلك حتى تم تحريرها بحرب أكتوبر ثم بمفاوضات السلام.

خرج الرئيس جمال عبدالناصر عشية يوم 9 يونيو يقول إن إسرائيل ومن ورائها الإمبريالية العالمية تريد أن تتخلص منه، ربما كانت تلك حقيقة، لكن ثمة حقيقة أسطع كانت تقول إننا كررنا أخطاءنا ولم نتعلم مما حدث فى 1956.

العلة لم تكن فى الشعب أو فى الجندى الذى دخل حرب 1967 وهو على استعداد لصناعة الأعاجيب، لكنه فعلياً لم يحارب. العلة كانت فى القيادات التى لا تتعلم، فالقيادة كما تنصح شعبها عليها أيضاً أن تنصح نفسها، وأقرب أذن إلى هذا اللسان أذن هذا الإنسان.

فكرة أن التاريخ يعيد نفسه تتكرر على ألسنة الكثيرين، وهى مقولة يتبناها البعض، لكنّ هناك آخرين يدحضون هذه المقولة مرددين أن التاريخ لا يكرر أحداثه ولا يحزنون، وإنما المسألة فى الأفراد الذين لا يتعلمون من أخطائهم، فيدفعون الثمن نفسه فى كل مرة، يبذلون النصح لغيرهم وهم الأحوج إليه.

لعلك سمعت عن أو قرأت قصة «مالك الحزين» فى كتاب «كليلة ودمنة» ذلك الطائر الذى استمع والحزن يهد قلبه إلى الحمامة الباكية وهى تحكى له ما يفعله الثعلب بها، حين يأتيها تحت الشجرة التى تعشش فيها، ويطلب منها أن تلقى إليه بالبيضات التى باضتها ليلتهمها، وبالتالى لا يوجد لها أفراخ صغار، فما كان من «الحزين» إلا أن نصحها قائلاً: عندما يأتيك المرة القادمة لا تقذفى له ببيضك، واطلبى منه أن يصعد الشجرة ويأخذه، وستجدينه أعجز ما يكون عن ذلك، عملت الحمامة بالنصيحة ولم يقوَ الثعلب على تسلق الشجرة إليها، فباضت فى سعادة وفقس البيض أفراخها، سألها الثعلب عن ناصحها الأمين، فأخبرته أنه مالك الحزين، فذهب إليه وأخذ يمتدح ذكاءه وقدرته على صناعة الأعاجيب، ومن ضمنها دفس الرأس بين الجناحين، تاه إوزها «الحزين» بنفسه. طلب منه الثعلب أن يصنع له الأعجوبة الأخيرة، وفى غمرة الزهو بادر «مالك الحزين» فدفس رأسه بين جناحيه، فاقتنص الثعلب اللحظة وانقض عليه، وقال له وهو يدق عنقه: «يا عدو نفسه.. تبذل النصيحة لغيرك.. وأنت أحوج الناس إليها».

العاقل من اتعظ بغيره.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اصطياد «الديك الرومى» اصطياد «الديك الرومى»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon