توقيت القاهرة المحلي 14:11:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أبناء «المخملية»

  مصر اليوم -

أبناء «المخملية»

بقلم: د. محمود خليل

المال الصعب الذى جاء بالتعب والعرق والجهد والاجتهاد لا يتحول إلى أدوات للعبث بالحياة، بل يسهم فى بنائها وتطويرها، وحمايتها، أما المال السهل الذى تدفق من غير حساب بضربة مجهولة أو بضربة من الضربات الأخرى المعروفة فى مصر المحروسة فإنه يتحول إلى أداة تدمير واستخفاف بالحياة.

سيطرة معادلة «المال الصعب» الذى يأتى بالجهد والاجتهاد والتميز على مجتمع من المجتمعات يؤدى إلى سلامته، وذلك على عدة مستويات، أولها أن هذه المعادلة تؤدى إلى توزيع أكثر عدلاً للثروات داخل المجتمع، خلافاً لمعادلة المال السهل التى تؤدى إلى تركيز تلال من المال فى أيدى حفنة قليلة من الأفراد، لأن سوق الجهد والاجتهاد مفتوح أمام الغالبية، أما سوق المال السهل المبنى على الضربات المجهولة فبابُه مفتوح لقلة قليلة من الأفراد.

من العسير أيضاً على صاحب المال الصعب أن يوجهه إلى وسائل للاستهلاك، عبر شراء القصور الفارهة أو السيارات التى يعد ثمنها بملايين الجنيهات وخلافه. المال السهل فقط هو الذى يؤدى إلى الوقوع فى «فخ المخملية»، والمخملية واحدة من أسرار الاستخفاف بالحياة، بل وتدميرها، خصوصاً حين تصادف أشخاصاً قليلى الحظ من التعليم أو الثقافة أو العمر.

لو أنك تابعت نمط حياة كبار رجال الأعمال وأسرهم فى الغرب فسوف تجد أن حياتهم وأولادهم بعيدة عن أى تعابير مخملية، سواء فى الملبس أو نوع السيارات أو الأماكن التى يعيشون فيها، أكبر وجه للإنفاق لدى هذه الأسر هو التعليم، إذ يُنفق عليه بسخاء، لأنه الأداة الوحيدة القادرة على الحفاظ على المال والأعمال داخل الأسرة.

الأمر يختلف فى المجتمعات التى تسيطر عليها معادلات المال السهل، حيث يتحول فى أيدى أصحابه إلى سيارات بملايين الجنيهات توضع تحت أقدام مراهقين أو شباب، يتوافر لديهم كل سبل التتويه والتغييب العقلى، ويتعلمون منذ أن تصافح أعينهم الحياة أن كل شىء سهل ومن الممكن شراؤه ما دمت تملك ثمنه، بدءاً من الشهادة وختاماً بأى بنى آدم «واللى تعرف ديته اقتله».

آخر شىء يتم التفكير فى تغذيته وتطويره داخل الأسر المخملية صاحبة المال السهل هو العقل، عقل الأبناء، فلا اهتمام بالتعليم أو التثقيف أو الترقية الأخلاقية، على العكس تماماً تتوافر لديهم كل أدوات تغييب العقل (صلبة وسائلة).

قبل ثورة يوليو 1952 كان الباشوات أصحاب الثروات يحرصون على إرسال أبنائهم فى بعثات -على نفقتهم الخاصة- للتعليم فى الخارج، رغم أن التعليم فى مصر حينها لم يكن سيئاً، لكنها الرغبة فى الإنفاق على ما هو أجدى وأنفع وأقدر على الحفاظ على الهيبة الاقتصادية والاجتماعية للأسرة.

باشوات مصر المعاصرة مختلفون؛ فآخر ما يهتمون به هو العقل والعلم والأخلاق، وجُل عطائهم لأبنائهم السيارات الطائشة والبراندات ومثيرات المزاج وأدوات تغييب الدماغ، لذلك فليس من الغريب أو العجيب أن تسمع أنَّات ضحايا أبناء المخملية على أسفلت الشوارع فى مصر.. ربنا يرحم الجميع.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أبناء «المخملية» أبناء «المخملية»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:52 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

ميس حمدان تصرح الظهور كضيفة شرف لا ينتقص من مكانتي الفنية
  مصر اليوم - ميس حمدان تصرح الظهور كضيفة شرف لا ينتقص من مكانتي الفنية

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 00:03 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 13:37 2020 الأحد ,24 أيار / مايو

الفيفا يهدد الرجاء المغربي بعقوبة قاسية

GMT 12:48 2020 الثلاثاء ,19 أيار / مايو

أسعار الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 19 مايو

GMT 16:51 2020 الثلاثاء ,31 آذار/ مارس

إصابة طبيب رافق بوتين في جولة "فيروس كورونا"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon