توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

امرأة من نار

  مصر اليوم -

امرأة من نار

بقلم :د. محمود خليل

اسمها «أروى» وكانت من أشد السيدات بأساً فى الحياة المكية خلال الفترة التى شهدت بعثة النبى صلى الله عليه وسلم، لم تشتهر باسم «أروى» بالطبع، فاسمها الأشهر هو «أم جميل»، وهى بنت حرب بن أمية وشقيقة أبى سفيان بن حرب، وزوجة عبدالعزى بن عبدالمطلب الشهير باسم «أبولهب» عم النبى.

لم تشهد العلاقة بين «أم جميل» والنبى قبل البعثة أى نوع من التوتر، بل على العكس من ذلك، فقد كان عبدالله والد النبى صلى الله عليه وسلم من أحب الناس إلى قلب أخيه عبدالعزى، كما كان حبيباً لقلوب كل أشقائه من أبناء عبدالمطلب. وبعد وفاته انتقلت محبة الأخ إلى ولده، فأحب محمداً كلُّ أعمامه، وبخاصة عبدالعزى (أبولهب)، ويوم أن علم بمولده أعتق الجارية التى بشرته بذلك فرحاً وابتهاجاً بمقدم محمد.

تطورت العلاقة الإنسانية بين العم وابن أخيه بعد زواج النبى من خديجة بنت خويلد، وتحولت إلى علاقة نسب حين تزوج ابنان من أبناء أم جميل وأبولهب هما عتبة وعتيبة من ابنتى النبى: رقية وأم كلثوم. ومؤكد أن زيجة كتلك لم تكن تمضى دون موافقة ومباركة أم جميل التى امتازت بشخصية قوية ومؤثرة على كل من حولها، وهى قوة كانت تدعم باستمرار بانتماء السيدة النارية إلى عائلة حرب بن أمية.

العلاقة بدأت تتوتر بين أبى لهب والنبى بعد ذلك، حين أمر الله محمداً بأن ينذر عشيرته الأقربين، ويقدر المؤرخون توقيت هذا التحول فى الدعوة بعد 4 سنوات من البعثة، حينها صدرت الأوامر من «أم جميل بنت حرب» لأبى لهب ومنه إلى ولديه «عتبة وعتيبة» بضرورة تطليق ابنتى محمد بعد أن أعلن نبوته ودعا أهله وعشيرته إلى نبذ عبادة الأوثان والإيمان بالواحد الأحد.

أم جميل كانت شديدة الولاء لقومها من بنى أمية، وكانت ترى أنهم العائلة الأعلى كعباً فى مكة والأوْلى بالسيادة عليها. لم تكن تجد مانعاً فى نسب بنى هاشم، ولم تكن تنكر شرفهم، لكنها كانت تمانع كل الممانعة -شأنها شأن أبناء عائلتها- فى أن يحقق بنو هاشم بالنبوة السيادة على مكة. غضبت أم جميل بنت حرب -كما غضب بنو أمية جميعاً- عندما أعلن محمد بعثته بالحق، ونفثت غضبها فى صدر زوجها أبى لهب، فغيرت قلبه ونفسه على محمد فغضب منه، وأخذ يطارده فى كل محفل ويتهمه بالضلال والإضلال.

أبولهب كان مدفوعاً بتحريض أم جميل، التى أبت أن تنتقل السيادة إلى بنى هاشم عبر جسر النبوة، وربما كان من داخله ناقماً على أم جميل التى تأبى الخير لبنى هاشم، لكن الهوى الغلاب كان يعيده فى أى لحظة ثورة على «أروى» إلى قفص الطاعة الذهبى.

يدلل على ذلك أنه بعد وفاة «أبى طالب» الذى كان يحمى ابن أخيه محمداً بكل ما أوتى من قوة، طمع أهل مكة فى النبى فنالوا منه ما لم يكن بمكنتهم أن ينالوه من قبل، وبلغ ذلك أبا لهب -كما يحكى ابن كثير فى «البداية والنهاية»- فأخذته الحمية وذهب إلى محمد وقال له «افعل يا ابن أخى ما تريد وأنا أمنعك من الناس». ولما واجهه أهل مكة بالأمر ذكر لهم أنه لم يفارق دين عبدالمطلب، لكنه يمنع ابن أخيه وصلاً للرحم.

انطلى الكلام على عرب مكة لكنه لم يدخل على أم جميل التى كانت تعرف كيف تديره، فأحرقته بنار لسانها حتى عاد من جديد إلى حظيرة طاعتها والتمرد على محمد ودين محمد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

امرأة من نار امرأة من نار



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon