توقيت القاهرة المحلي 20:16:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الصمت والفكر وأحزان «النبي»

  مصر اليوم -

الصمت والفكر وأحزان «النبي»

بقلم :د. محمود خليل

ثمة أمر آخر لا يبرر الظهور المحدود لشخصية ربيب النبى «هند بن خديجة» فى كتب التراث، ويتعلق بالإيمان المبكر له، ومصاحبته النبى وقربه الشديد منه بصورة مكّنته من وصف ملامحه وأخلاقه وتركيبته الشخصية الكريمة بدقة تسترعى النظر وتستوجب التأمل.

وصف «هند» النبى وصفاً بارعاً، وكان أهم ملمح ركز عليه وهو يشرح هيئته، صلى الله عليه وسلم، هو «التناسق» الغالب على تكوينه الجسمانى. ثم عرّج بعد ذلك على منطقه صلى الله عليه وسلم، فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متواصل الأحزان، دائم الفكرة، ليست له راحة، لا يتكلم فى غير حاجة، طويل السكوت، يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه، يتكلم بجوامع الكلم، فصل لا فضول ولا تقصير».

الحزن خصلة من خصال الشخصية المتأملة، ومنذ شبابه، صلى الله عليه وسلم، كان كثير التأمل، وكان يخلو إلى نفسه بالأيام -حتى قبل البعثة- داخل غار حراء، يفكر فى شأن العالم من حوله. كان طويل التفكير فى الأمور، لذلك يسجل «هند» ملاحظة «ليست له راحة»، فطول التفكير يرهق صاحبه، ويجعله زاهداً فى الحديث من غير حاجة.

وكان صلى الله عليه وسلم إذا تكلم اعتمد على اللغة المكثفة والجمل القصيرة العاجلة التى تنقل عظيم المعلومات فى أقل عدد من الكلمات. كان يتحدث -كما يصف هند- بجوامع الكلم، ويعرف كيف يدقق فى استخدام اللغة بشكل يعبّر عن فكرته بشكل واضح ومستقيم، دون تزيُّد وإسهاب، أو اختزال يُخل بالمعنى.

وعن سلوكياته وأخلاقياته، صلى الله عليه وسلم، قال هند بن خديجة: «محمد دمث، ليس بالجافى ولا المهين، يعظّم النعمة وإن دقت، لا يذم منها شيئاً ولا يمدحه، ولا يقوم لغضبه إذا تعرّض للحق شىء حتى ينتصر له، وفى رواية: لا تُغضبه الدنيا وما كان لها، فإذا تعرّض للحق لم يعرفه أحد ولم يقُم لغضبه شىء حتى ينتصر له، لا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها، إذا أشار أشار بكفه كلها، وإذا تعجّب قلبها، وإذا تحدّث يصل بها ليضرب براحته اليمنى باطن إبهامه اليسرى، وإذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غضّ طرفه. جُل ضحكه التبسم، ويفتر عن مثل حب الغمام».

أبدع «هند» فى وصف أخلاق وسلوكيات النبى مع الناس، فهو يخفض جناحه للجميع، ويتعامل مع الكل، ولا يجفو أحداً (أى يُعرض ويبتعد عنه)، ولا ينطق لسانه بما يحمل أى معنى أو دلالة على الإهانة لمن يتحدث إليه، لا يغضب لأمر من أمور الدنيا، فهو متوجه بالكلية إلى الله تعالى، لا يغضب إلا لله وفى الله سبحانه وتعالى، وفى حالات غضبه كان يُعرض عمن أغضبه، ولا ينتقم من أحد، بل يتركه لله تعالى.

يعظّم نعم الله كبرت أم صغرت، وهو تعبير يدل على قمة الرضا والتصالح مع الذات، وهما سمتان أساسيتان من سمات النبى صلى الله عليه وسلم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصمت والفكر وأحزان «النبي» الصمت والفكر وأحزان «النبي»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 19:55 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025
  مصر اليوم - أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 23:00 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قواعد الإتيكيت الخاصة بشراء الملابس

GMT 12:07 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الجبلاية تستقر على خصم 6 نقاط من الزمالك

GMT 17:18 2021 الخميس ,26 آب / أغسطس

أشهر مميزات وعيوب مواليد برج العذراء

GMT 23:49 2020 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

ملخص وأهداف مباراة الزمالك والمقاولون العرب في الدوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon