توقيت القاهرة المحلي 04:34:38 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ»

  مصر اليوم -

«رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ»

بقلم: د. محمود خليل

آية تحمل معنى مدهشاً داخل سورة التوبة تقول: «وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ».

رضاء المولى -عز وجل- عن الإنسان مسألة مفهومة، ولكن كيف يتأتى للمخلوق أن يرضى عن خالقه؟. جملة واحدة يمكن أن تجيب لك عن هذا السؤال هى «الرضاء بأقدار الله».

يعيش الإنسان فى الحياة طامحاً إلى العديد من الأشياء، قد يحمد ربه على ما يصيبه أو يحققه من أهداف فى الحياة، وقد يشكر ربه على ما لم يوفقه فيه، لكنه فى الحالتين لا يستطيع أن ينجو من آفة الضجر وهو يرى من هو أقل منه قدرة أو مهارة يحقق ما كان يحلم به، أو وهو يعاين الدنيا التى تعطى الهاجع والناجع والنائم على صرصور أذنه، فى حين لا تمنحه الأقدار ما هو حقيق أو جدير به.

الضجر هو الباب الذى يخرج منه الإنسان من معادلة الرضا عن ربه، والرضا بالأقدار والوعى بأن لله حكمة قد لا يدركها الإنسان فيما يحرمه المولى -عز وجل- منه مع جدارته به، وما يعطيه لغيره مع ظنه بأنه غير مستحق له.

جوهر رضا المخلوق عن خالقه يرتبط بمعادلة «وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ». تلك العبارة التى ختم بها الله تعالى الآية الكريمة التى تقول: «وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ». فالإنسان لا يدرى الخير له فى حياته فيتمناه، أو الشر الذى يرجوه بجهل فيمنعه الخالق عنه برحمته وعطفه. والله تعالى يقول: «فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً».

قدَّم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار النموذج البشرى الذى عرف كيف يرضى عن خالقه، لم يكن أى من صحابة النبى صلى الله عليه وسلم يفكر فيما سيأخذه قدر ما كان يفكر فيما يمكن أن يعطيه، لم يكن ينشغل بأذى يصيبه قدر ما اهتم بإعلاء كلمة الإيمان. كانوا يرون فى عذاباتهم ولعنات مشركى مكة لهم خيراً كثيراً، ويدركون وهم تحت ضغط الأذى أن موقف من تسلطوا عليهم ضعيف، وكلما اشتد أذاهم أدركوا أن الموقف يضعف أكثر وأكثر. لم يحلم أى منهم بدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، بل كان الخير كل الخير بالنسبة لهم أن الله تعالى اختارهم ليكونوا إلى جوار الحق.

السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار كانوا بشراً فى منتهى الرقى، تعلموا من النبى صلى الله عليه وسلم ألا يرفعوا أيديهم على من يمدون إليهم أيديهم بالأذى، كانوا يُعذبون ويطردون من ديارهم وتسلب أموالهم، ثم يدعون لمن عذبوهم أو طردوهم أو سلبوهم، وحين قاتلوا كانوا يقاتلون من أجل المستضعفين من النساء والرجال والولدان.

رضيت هذه المجموعة المصطفاة بما أعطتهم الدنيا واعتبروا العطاء ابتلاء.. وحمدوا الله على ما حرمهم إيماناً منهم بأن لله حكمة لا يدركونها.. وبذا «رضى الله عنهم ورضوا عنه».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ» «رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon