بقلم :د. محمود خليل
عاد شبح وباء كورونا إلى الظهور فى أوروبا من جديد، وذلك رغم اجتهاد العديد من دول القارة فى تطعيم مواطنيها بنسب تجاوزت الـ70% فى أغلبها، وبثلاث جرعات فى بعض الأحوال.
واضح أن التطعيم لم يوفر حلاً أو أداة جيدة لمحاصرة «كورونا» فى دول المنشأ (منشأ اللقاحات)، وها هم المسئولون ببعضها يصفون الوضع الوبائى لديهم بالكارثى، مثلما هى الحال فى ألمانيا.
المسألة تبدو مفسرة فى سياق التحور الذى يصيب الفيروس من فترة زمنية إلى أخرى، التحورات الجديدة تؤثر على قدرة الفاكسين على حماية الجسم من الفيروس، مما يجعل الفرد عرضة للإصابة والمعاناة.
قدرة الفيروس على التحور فى عشرات السلالات مسألة تثير القلق والحيرة حول طبيعته والفترة الزمنية المتوقعة للقضاء عليه أو تحييده. الإنفلونزا الإسبانية على سبيل المثال تواصلت عبر عامين (1918- 1919)، أما فيروس كورونا فعمره أطول، إذ تشير المعلومات إلى أنه ظهر أواخر عام 2019، وها هو يصاحب البشرية ونحن على أعتاب عام 2022، والعالم لم يزل عاجزاً عن ملاحقة موجاته المتتابعة وتحوراته التى لا تنتهى.
فالعالم وهو يسعى إلى محاصرة كورونا يبدو وكأنه يصوب سلاحه على هدف متحرك مراوغ لا يثبت على حال. وكما تعلم فمن الصعوبة بمكان أن تصيب هدفاً متحركاً.
إحدى شركات الأدوية العالمية أعلنت مؤخراً عن إنتاج علاج يؤدى إلى تخفيف أعراض كورونا بنسبة وصلت فى التجارب إلى 90%، وذكرت أن الدواء قادر على تقليل معدلات الوفاة بالفيروس بصورة محسوسة، ووعدت الشركة بأن تسمح لشركات أخرى فى دول العالم المختلفة بتصنيع الدواء لمواجهة الفيروس.
والسؤال: أيهما أجدى اللقاح أم عقار العلاج؟ مؤكد أن أهل الطب هم الأقدر على الإجابة عن هذا السؤال، وأظن أن من الواجب عليهم المبادرة إلى حسم هذا الأمر، حتى لا يتركوا الناس ألعوبة فى يد شركات الأدوية.
فشركات إنتاج اللقاح باعت كميات هائلة منه، هكذا تتحدث الأرقام الخاصة بمعدلات التطعيم فى دول العالم المختلفة، وربحت أرباحاً هائلة، لكن البشر ما زالوا يعانون، وأرقام الإصابات والوفيات ما زالت تسير بالمعدل نفسه الذى شاهدناه خلال الموجات السابقة للفيروس.
وها هو العالم يدخل موجة توفير دواء أو عقار لعلاج الفيروس، وليس هناك خلاف على أن توفير هذا الدواء مع شيوع حالات الإصابة بالمعدلات الحالية سيوفر أرباحاً ضخمة جديدة لشركات الأدوية.
نحن إذن لسنا بصدد فيروس يتحور وفقط بل أيضاً بصدد أداء عالمى متحور فيما يتعلق بإيجاد سبل مواجهة هذا الخطر.
فقد تحور الأداء من الوقاية التى ارتبطت بها مبيعات ضخمة من الكمامات والكحول والمطهرات وغير ذلك، إلى اللجوء إلى اللقاحات التى بيعت منها مئات الملايين من الجرعات، وأخيراً تصاعد الحديث عن الأدوية والعقارات القادرة على مواجهة الفيروس.
المواطن العادى فى دول العالم المختلفة بات يطارد نوعين من التحور: تحور الفيروس وتحور الأداء، وأظن أن الأوان قد آن لتثبيت الهدف.