توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أفكار قديمة فى زمن جديد

  مصر اليوم -

أفكار قديمة فى زمن جديد

بقلم: د. محمود خليل

فى عالم الأفكار يوجد «أفكار قديمة» و«أفكار جديدة»، ويوجد أيضاً ما يمكن أن نطلق عليه الأفكار العابرة للزمن.

النوع الأخير من الأفكار يقع فى أغلبها فى زاوية الدين الذى يمثل ركن الثبات فى حياة البشر والخط الواصل بين الأجيال المختلفة، لكن ذلك لا يمنع من تقديم فهوم جديدة لبعض الأفكار المتوارثة، استجابة لتحولات العصر وظروفه ومتطلباته، وهى فى الأغلب فهوم لا تبارح الجوهر النقى الخالد، خصوصاً على مستوى العقيدة.

إذا خرجنا من دائرة الدين ودخلنا دائرة الدنيا فستظهر لنا الأفكار القديمة والأخرى الجديدة.

على سبيل المثال فكرة «الاستعمار» تعد من الأفكار القديمة التى سيطرت على الغرب لمدة طويلة من الزمن، ودفعت دوله إلى غزو غيرها وابتلاع ثرواتها، لعقود طويلة، ومع تطور الفكر البشرى وظهور حركات التحرر، بدأت تظهر أفكار جديدة للاستعمار، واستبدل بالسلاسل الحديدية فى السيطرة على الدول، ما أطلق عليه فى الستينات من القرن الماضى بالسلاسل الذهبية، فبدأت الأشكال المختلفة للتبعية فى الظهور، فكانت هذه الدولة أو تلك تابعة للعالم الرأسمالى الغربى، مقابل دول أخرى تابعة للعالم الاشتراكى، وبالتوازى مع هذين الشكلين من التبعية ظهرت فكرة الحياد الإيجابى والوقوف على مسافة متساوية بين العالمين.

الفكرة التى لا تلبس ثوب عصرها مآلها الفشل وتسميم حياة البشر. واستدعاء فكرة السيطرة الحديدية من جانب دولة على دولة أخرى عبر غزوها واحتلال أرضها وفرض الإرادة على شعب آخر يظهر الآن كحديث عجيب غريب لا يتناغم مع روح العصر.. والتجارب القريبة تقول بفشل هذه الفكرة، مثل تجربة الولايات المتحدة الأمريكية فى احتلال أفغانستان، ثم تجربتها فى احتلال العراق، فقد خرجت القوات الأمريكية من الدولتين، بعد أن قلبت معادلة الحياة فيهما، فسيطرت طالبان على أفغانستان، وسيطرت الفوضى والصراعات المذهبية على العراق، وفى الحالتين دفع البشر ثمناً لهذه النتائج.

من حق بل من واجب كل دولة أن تحمى أمنها وأمن شعبها، هذه مسألة لا خلاف عليها، لكن بشرط صغير أن تتعامل بأدوات العصر، ولا تلجأ إلى حيل وأساليب السيطرة الحديدية القديمة التى تجاوزها الزمن، فقد تمكنها من إحداث الزوبعة، لكنها بحال لن تساعدها على النجاح فى تغيير الواقع على الأرض.

إحياء الأفكار والأشكال والصور القديمة مسألة صعبة.. والحلم باستعادة الأمجاد الإمبراطورية والتمدد على الأرض بالاستناد إلى نظرية المجال الحيوى وغير ذلك لا يزيد عن محاولة لإحياء ميت.. من حق الشعوب أن تختار، وهى حرة فى اختياراتها وهى من بعد مسئولة عن تحمل نتائج هذه الاختيارات.

أساليب السيطرة الحديدية على الشعوب لا تتسق بحال مع المعادلة الزمنية الجديدة التى تعيشها البشرية، والتى تعتمد بالأساس على فكرة السيطرة الناعمة. نحن نعيش زماناً مختلفاً ينحاز فيه البشر إلى الأفكار من المنظور المصالحى البحت، وتتحدد فيها الانحيازات طبقاً لشبكة المنافع والمكتسبات.. الجيل الحالى من الشعوب أكثر براجماتية من أى جيل مضى.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أفكار قديمة فى زمن جديد أفكار قديمة فى زمن جديد



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon