توقيت القاهرة المحلي 18:52:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

درس «القسمة»

  مصر اليوم -

درس «القسمة»

بقلم: د. محمود خليل

مثّل «درس القسمة» واحداً من أكثر دروس «الحساب» صعوبة بالنسبة لأجيال متنوعة، فهو غير دروس الجمع والطرح والضرب، لأنه ببساطة يتطلب من الشخص أن يكون ملماً بشكل كامل بلعبتى الضرب والطرح، أما الجمع فلا يهم.

جيل السوشيال ميديا يجد سهولة كاملة فى مسألة القسمة، فهو لا يحفظ جدول الضرب، وربما لا يجيد خطوات الطرح، لأنه جيل تكنولوجى تتولى الآلة الحاسبة منذ زمن بعيد القيام بإجراء المسائل الحسابية بالنيابة عنه.

تكنولوجيا التواصل الاجتماعى تأسست على مفهوم القسمة، فحسابات الفيس بوك أو تويتر أو غيرهما من المواقع تعتمد على جمع الأفراد المتشابهين فى جروبات، وتُمكن صاحب الحساب من الفلترة المتواصلة لأى عضو يتنافر أو لا ينسجم مع الاتجاه العام للمجموعة عبر «البلوك».

داخل كل مجموعة تجد رأياً أو توجهاً أو اتجاهاً سائداً يلتئم حوله أغلب المنضمين إلى الحساب، وهم يتبادلون معاً لعبة التأييد والتأكيد على ما يُجمعون عليه، ولعبة النفى والاستبعاد للآراء والتوجهات والاتجاهات المعارضة. المجموعة ببساطة مغلقة على نفسها ومتعصبة لما هى عليه، وليس لديها استعداد لسماع وجهة نظر المجموعات الأخرى، بل تجد كل همها دحض ما يتبناه غيرها.

وعملية الدحض لا تأخذ فى الأغلب شكل المناقشة العقلانية أو التحليل المنطقى للفكرة أو وجهة النظر التى يتبناها الغير، بل ترتدى ثوب قصف الجبهة القائم على التسفيه، وأحياناً السب واللعن ومحاولة الاغتيال المعنوى لصاحب الرأى.

قصف جبهة المجموعة المغايرة قد يأخذ شكلاً فردياً متناثراً، أو شكلاً جماعياً عبر ميليشيا أو مجموعة إلكترونية تتولى الهجوم بشكل شامل وعبر مجموعة من التعليقات أو التدوينات المتكررة ينطبق عليها وصف «متفق عليه».

التعددية سمة من سمات المجتمعات المتنورة، لذلك فليس ثمة من بأس أن تتنوع المجموعات على مواقع التواصل الاجتماعى فى آرائها ووجهات نظرها، لكن المشكلة أن هذه المجموعات لا تعبّر عن تنوع حقيقى، بل تعكس نوعاً من الانقسام الذى ينقلب فى مراحل تالية إلى عداء، يبدأ بالتنابز بالألقاب، وربما أخذ شكلاً أخطر، حين ينتقل من العالم الافتراضى إلى أرض الواقع.

فوجهة نظر المجموعة لا تعتمد على التأسيس العقلانى، بل تستند إلى فكرة التحيز والتعصب الذى تشعله بصورة مستمرة آلة شحن لا تتوقف عن العمل، وبالتالى يصح أن نصف ما يروج على مواقع التواصل بـ«الانحيازات».

سمة أخرى أحياناً ما تظهر عند طرح الأفكار على مواقع التواصل تتمثل فى «العنصرية»، وقد تجلى ذلك بوضوح خلال فترة الانتخابات الأمريكية الأخيرة، حين اشتعلت الحرب العنصرية بين المجموعات المختلفة على مواقع التواصل، عقب مصرع المواطن الأمريكى من أصل أفريقى جورج فلويد. ولعلك تلاحظ أن لعبة «العنصرة» تأخذ أشكالاً أخرى داخل مجتمعات العالم الثالث.

فكرة المجموعة (الجروب) تُعد واحدة من أشهر سمات مواقع التواصل الاجتماعى، فالأقطاب المتشابهة من الأفراد تتجاذب، والمختلفة تتنافر، ويبدو النفور افتراضياً أو صراخياً فى البداية، لكن ما يتبعه أو يترتب عليه من انقسامات فى الرأى القائم على التحيز والتعصب المقيت قد يؤدى فى مراحل لاحقة إلى ما هو أدهى وأمر.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

درس «القسمة» درس «القسمة»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
  مصر اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 17:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين
  مصر اليوم - الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon