توقيت القاهرة المحلي 20:18:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

"فؤادة" و"رجب"

  مصر اليوم -

فؤادة ورجب

بقلم - د. محمود خليل

قانون الإصلاح الزراعي الذي أصدرته الثورة (سبتمبر 1952) حوّل الفلاح من أجير إلى مالك، كما تحدث الرئيس عبد الناصر في أكثر من خطاب، وأكد في أحدها أنه حقق ما وصفه بـ"الديمقراطية الاجتماعية"، في إشارة إلى أن الديمقراطية لم تعد سياسة بل مجتمع تتوزع فيه الأنصبة بالعدل.الرئيس عبد الناصر كان له فكره وتصوره حول التحول الذي يريد إحداثه في المجتمع، وكان يعرف جيداً كيف يبني شعبيته. وليس هناك خلاف على أن مسألة توزيع الأرض على الفلاحين ساهمت في وضع اللبنات الأولى لشعبيته الجارفة، التي انضمت إليها فيما بعد فئات أخرى، مثل العمال والموظفين والطلبة، أو ما اصطلح على تسميته في ذلك الوقت "تحالف قوى الشعب العامل".أصبح للفلاح عيداً تحتفل به الدولة كلها يوم 9 سبتمبر من كل عام. ومؤكد أن أغلب المصريين لم يعودوا يلتفتون إليه لأنه ليس يوم "إجازة رسمية". ولو أنك استرجعت بعض الأعمال السينمائية والدرامية التي أنتجت أواخر السبعينات وخلال فترة الثمانيات ستجد أن عيد الفلاح تحول فيها إلى مادة للسخرية، بل من المؤسف أن أقول أن الفلاح المصري نفسه تحول إلى مادة للفكاهة. راجع على سبيل المثال أفلاماً مثل "عنتر شايل سيفه" و"رجب فوق صفيح ساخن"، وتأمل صورة الفلاح كما رسمها هذان الفيلمان وغيرهما، التي تبلورت حول فكرة "الفلاح الذي بهرته أضواء المدينة".هذه الصورة بدت مغايرة تماماً للفلاح والفلاحة المصرية التي قدمتها بعض الأعمال الدرامية والسينمائية في الستينات من القرن الماضي. تأمل على سبيل المثال صورة الفلاحة "فاطمة" في "الزوجة الثانية"، وصورة "فؤادة" في "شىء من الخوف"، وصورة "الشيخ ابراهيم" في الفيلم نفسه، وارجع إلى خماسية الساقية لعبد المنعم الصاوي، وستجد فيها أيضاً معاناة الفلاح وكفاحه وآلامه وآماله، بل واستبداده، حين يستقوي بالمال، كما حدث مع "سلطان" في الجزء الأول من الساقية: "الضحية".الصورة الدرامية للفلاح المصري في أفلام ومسلسلات الستينات كانت مختلفة عن أفلام السبعينات والثمانينات، لكن الواقع كان واحداً في الفترتين، ففي الحالتين كانت السلطة المركزية في القاهرة تمارس نوعاً من التعسف ضده، خصوصاً حين تغضب عليه، ولم يسلم الأمر في المجمل من نوع من التعالي على الفلاحين والحياة الفلاحية رغم الأصل الريفي العتيد الذي أصبح يدمغ طبقة الحكم.تسييس مسألة الزراعة وتحويل الفلاح المصري إلى رصيد في مخزون الشعبية مثل ملمحاً من ملامح التحول الذي حدث في مصر بعد عام 1952، ليس معنى ذلك بالطبع أن نقول أن الزراعة أهملت بشكل كامل، أو أن الفلاحين لم يعودوا يهتمون بأرضهم، لكن حجم الأرض الزراعية بدأ يتآكل بمرور الوقت، في حين تواصلت حالة التعالي على الفلاح.ولا تجد كاتباً استطاع أن يضع يده على المفارقة ما بين الأصول الريفية لرموز النخبة في مصر الستينيات وما يعدها وحالة التعالي التي حكمت النظرة إلى الفلاح والزراعة مثل الكاتب والروائي الراحل فتحي غانم في روايته: "زينب والعرش"

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فؤادة ورجب فؤادة ورجب



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:36 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الأمير الحسين يشارك لحظات عفوية مع ابنته الأميرة إيمان

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 13:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 12:19 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مصر تحصد 31 ميدالية متنوعة مع ختام بطولتي الرماية

GMT 13:55 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الهلال يستضيف الزمالك في ليلة السوبر السعودي المصري

GMT 06:08 2024 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

عطور نسائية تحتوي على العود

GMT 08:19 2022 الأحد ,25 كانون الأول / ديسمبر

أزمة الطاقة وسيناريوهات المستقبل

GMT 19:18 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الطرق الصحيحة لتنظيف الأثاث الجلد

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon