توقيت القاهرة المحلي 02:14:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الصلاة فى كوكب تانى

  مصر اليوم -

الصلاة فى كوكب تانى

بقلم: د. محمود خليل

فى الستينات، ثار جدل كبير فى الصحف بعد صعود الروس والأمريكان فوق سطح القمر، موضوعه الصلاة على هذا الكوكب الجديد البعيد. وتساءل البعض: إلى أين سيوجه المصلى وجهه والكعبة المشرفة قائمة على الأرض؟

رغم سذاجته، فإن السؤال شغل الناس انشغالاً كبيراً، وموطن السذاجة فيه يرتبط بخيالية الفكرة التى يرتكن إليها والتى تفترض أن الناس سوف تهاجر من الأرض إلى الكواكب السابحة فى الفضاء وتقيم عليها حياة، بغض النظر عن صلاحية الظروف والأجواء السائدة عليها لذلك، ناهيك عن أن المسلمين لم يكن لهم فى الموضوع أصلاً، بحكم تراجعهم العلمى والتكنولوجى.

كان السؤال الأجدى بالطرح حينذاك هو: متى نمتلك القدرات العلمية والتكنولوجية التى تؤدى بنا إلى منافسة الغرب (الإمبريالى كما كان يوصف فى ذلك العصر) فى سباق التقدم العلمى والتكنولوجى؟

لم يجلس أحد حينها ليطرح سؤالاً حول التعليم فى مصر وقدرة مؤسساته بما تملكه من أدوات (مقررات ومعامل وأساتذة) على تقديم خريجين يمكنهم أن يشكلوا جزءاً من حركة العلم الحديث التى باتت تتوجه إلى الفضاء، بل انشغل البعض وشغلوا غيرهم بسؤال «القبلة على سطح القمر»، فى وقت يعجزون فيه عن تصنيع أبسط احتياجاتهم.

السياق الزمنى للصعود الفضائى ارتبط بالنصف الثانى من الستينات، ولعلك تذكر ما تعرضت له مصر والشعوب العربية من محن ومشكلات خلال هذه السنوات. وهى محن ومشكلات بدت طبيعية فى ظل المقدمات التى انشغل بها العقل المصرى حينذاك من طراز «القِبلة على القمر».

هناك أسئلة ليس لها من هدف سوى تغييب العقل وتعطيل قدرته على التفكير، وليس ثمة من نتيجة لذلك سوى دفع صاحب العقل المغيب والمعطل إلى قبول ما يعجز فى حالات وعيه ونشاطه عن قبوله. وتستطيع أن تستدل على ذلك من استرجاع العديد من الأحداث المرعبة التى تقبَّلها بعض من عاشوا هذه المرحلة، وتعاملوا معها وكأن شيئاً لم يكن.

عندما يروَّج هذا النوع من الأسئلة داخل مجتمع، وتجد من بين أفراده من يهتم به، فاعلم أنهم يعيشون حالة من حالات «اللا جدوى»، لأن هذه الأسئلة تغرق العقل فى الضلالات، وهو أمر غير مأمون العواقب فى أغلب الأحوال.

هذا النوع من الأسئلة يعبر عن حالة لا وعى بالدين، وكذلك لا وعى بالدنيا. على سبيل المثال لن يتغير شىء فى الدين أو الدنيا حين يخرج علينا أحد بسؤال عن «حجاب المرأة»، فيقول قائل إن الحجاب زى غير ملزم للمرأة ويدعو إلى نبذه، فهى دعوة لا جدوى منها لأنها لن تؤدى بالمحجّبة إلى خلع حجابها، أو يقول آخر إنه ملزم، لأن ذلك لن يترتب عليه أن ترتديه مَن لا ترتديه.

طرح ومناقشة هذه القضايا معناه ببساطة إضاعة الوقت فيما لا يفيد ولن يؤدى إلى تغيير.. مثل هذه القضايا تظهر بين حين وآخر مثل الفقاعات، سرعان ما تكبر، وما أسرع أن تنفثئ، وهى إن عبّرت عن شىء فهى تعبر عن حالة غير صحية مدارها الشغف بـ«اللا جدوى».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصلاة فى كوكب تانى الصلاة فى كوكب تانى



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:09 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مميزات كثيرة لسيراميك الأرضيات في المنزل المعاصر

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بوجاتي تشيرون الخارقة في مواجهة مع مكوك فضاء

GMT 05:50 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

تسلا تنشر صور للشاحنة سايبرتراك باختبار الشتاء

GMT 13:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي عضو لجنة تحكيم الأفلام الطويلة بمهرجان الجونة

GMT 20:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

رسميًا إيهاب جلال مديرًا فنيا لنادي بيراميدز
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon